اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > نفق الباب الشرقي.. احتفلت به الحكومة ساعة.. وأغلقته سنوات!

نفق الباب الشرقي.. احتفلت به الحكومة ساعة.. وأغلقته سنوات!

نشر في: 13 يوليو, 2012: 05:57 م

 بغداد/ فرات إبراهيمنفق الباب الشرقي المقابل لحديقة الأمة بني وفق تصاميم هندسية جميلة  وكان ملاذا لكل جولاتنا أيام كان الباب الشرقي يمثل النزهة الأولى في حياتنا ونحن نحبو نحو الشباب الجميل، أيام جميلة لا تستطيع كل العذابات والأيام المخيفة التي عاشها العراقيون أن تمحوها من الذاكرة، حيث كان يتوزع الحلاقون وأصحاب مهن التصوير وباعة الملابس على جنبات هذا النفق المزدهر بالورود الجميلة، بعدنا عن نفق الباب الشرقي كما بعدنا عن أحبتنا وكل من نودهم بسبب الحروب وأيام الحصار المرة وكأن هذا النفق بدأ يشعر بغيابنا.
بدأت جدرانه المغلّفة بأرقى أنواع السيراميك، وفي زمن الحصار تحول ما لصق بها من مرمر وسيراميك إلى قصور الرئاسة وحل محلها السمنت وبدأ النفق كأنه يعلن انقضاء مهمته، كواحة جميلة خضراء تتوسط ضجيج السيارات العابرة من وسطه ليعلن نفسه مكانا للمياه الآسنة ومجرمي الليل الطويل وصار مجرد المرور في هذا النفق بمثابة المخاطرة بالنفس من سارق أو قاتل، وشيئا فشيئا صار هذا النفق مغلقا وأعلنت شهادة وفاته من أعلى المستويات. بعد السقوط كان الناس يأملون بان تعيد أمانة بغداد الى هذا النفق وغيره القه وزهوه وتحقق ذلك باحتفالية يتيمة صدحت فيها حناجر شعراء زمن الصكوك بالتبجيل والتهويل لجهود رجال الامانة على  هذا الانجاز العظيم وتناقلت الفضائيات الحدث بتقارير غبية وكأن إعادة ترميمه إحدى عجائب الدنيا السبع، وما ان انتهت تلاوة القرآن وقرأ الجميع كلماتهم وعتف (الصياحون ) الابواق السابقة بكل ما تختزله ضمائرهم من شعر جاهز لكل الأوقات حتى تم إغلاقه ثانية بسلاسل من حديد وضع على أقفالها شرطة ومغاوير وجيش  لدواعٍ أمنية!رائحة المكان ما زالت تنبعث منهوليد خالد احد العاملين في المكتبات القريبة من النفق يستذكر الايام الجميلة ويقول: ان هنالك تفاصيل انسانية حميمة تبقى تملأ المكان رغم ما اصابه من تناسٍ وخراب . فحيث كان يحاط المكان بالحدائق الجميلة التي كانت تخترق منتصف النفق وتتوزع بشكل دائري محاذية لأطراف المحال الجديدة حيث انتشرت محال التصوير الاسود والابيض والملون ومحال بيع وتصليح الساعات الغالية الثمن، ومحال اخرى لبيع الخزفيات التحف حتى صار هذا المكان الذي يتوسط بغداد هدف الكثيرين من البغداديين وابناء المحافظات الاخرى لقصده وربما نذهب اكثر من ذلك إذا قلنا انه محط أنظار العديد من السياح الأجانب الذين كانوا يملأون بغداد ، يقول ابو عبد الله وهو صاحب محل خزفيات وتراثيات سابق: كنا نتأخر حتى ساعات متأخرة من الليل لان الناس كانوا يملأون المكان بصخبهم كذلك السياح الأجانب الذين كانوا يتبضعون كل شيء من هذا النفق حيث المحال الكثيرة المنتشرة على جانبيه. الحلاقون غيّروا صورهم القديمة وقد ابتدأ الحلاقون “ بتحديث “ المكان عندما جلبوا أضواء النيون الحديثة وعلقوا صورا لالفس بريسلي وبروسلي وجون ترافولتا في موجة السبعينيات المسماة بـ” الخنافس “ . وكانت قامة الفس بريسلي الفارعة الممتلئة حيوية وهو يمسك الغيتار . حيث انتشرت ولأول مرة بين الشباب العراقي موضات الحلاقة الحديثة لان اغلب هؤلاء الحلاقين تدربوا على أيدٍ غربية ماهرة لعدة أشهر وعادوا بعدها لممارسة هذه المهنة بأحدث القصات العالمية والتي جذبت إليها آلاف الشباب المتطلعين إلى الحرية وتقليد الغرب في كل شيء، يقول الحلاق صالح : كنت املك محلا صغيرا في منطقة شعبية وقد كان طموحي أن اجعل هذه المهنة لها شأنها كما هو الحال في دول العالم فذهبت إلى بلغاريا ورومانيا وألمانيا وتعلمت هناك وعلى يد متخصصين في فن الحلاقة، كل ما هو جديد وحينما عدت استأجرت محلا لي في هذا النفق وعملت على تحديث المحل من خلال الديكور الصارخ والألوان المشعة مما يستهوي الشباب أمام تلك المناظر والصور لكبار النجوم بقصاتهم العالمية، إلا أننا اليوم ننظر إلى تلك المحال بألم بالغ وحسرة حينما نجد المكان وقد استوطنته الأوساخ والقاذورات وصار ملاذا للحيوانات وما زلت غير مؤمن بقضية الدواعي الأمنية لان الدولة وقواتها استطاعت الوصول إلى اشد المناطق سخونة وفرضت هيبتها هناك فكيف لا تفرض هيبتها على نفق يبعد عن مقرها مئة متر فقط.نفق المكتبات والأناقةمحال أخرى تعرض الملابس الرياضية وملابس “ المودرن “ ، وقد أخذت هذه المحال ما يقرب من ثلثي مساحة النفق لكنها لم تخنق أنفاسه التي أضفت عليها ثلاث أو أربع من المكتبات ألقا خاصا حيث تتوزع ثلاث مكتبات في ثلاث مداخل للنفق من مجموع مداخله الأربع ، وتتناغم هذه المكتبات مع أجواء النفق وروحه عندما اختصت بنوع من الأناقة في العرض واستخدمت في بعضها فتيات في البيع إضافة الى العروض المميزة للمجلات الفنية التي أخذت اكبر مساحة في المكتبة ، وكما احدث النفق تغييرا في نظام العبور للمشاة والعربات فالذاهبون من الرصافة إلى الكرخ مشياً من جهة الباب الشرقي بإمكانهم العبور من نقاط في شارع السعدون أو شارع الجمهورية وصولا إلى جسر الجمهورية لكن الكثير منهم يفضل دخول النفق والاستدارة نحو الرائحة التي تبعثها محال الحلاقين . أما في الصيف فان منظر المياه التي تجري بين حشيش الأرض تمثل إغراءً خاصا للعابرين، أما القادمون من الكرخ للرصافة واغلبهم نحو عيادات الأطباء فيمثل النفق بالنسبة إليهم أفضل مكان للاستراحة أو الانتظار. مغلق لدواعٍ أمنيةالتبرير الذي أوجده المسؤولون عن المنطقة هو ان هذا النفق مغلق

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram