مازن لطيف صدر عن الدار العربية للعلوم ناشرون - بيروت 2012 كتاب (مسألة العراق.. المصالحة بين الماضي والمستقبل)، للكاتب والصحافي العراقي مصطفى الكاظمي. تناول فيه تجربة النضال السياسي ضد النظام الدكتاتوري في العراق بأبعادها المختلفة، ووثّق الجرائم والتجاوزات التي حفل بها العهد السابق، فضلا عن محاولة رسم آفاق المستقبل في ضوء التجربة القاسية التي عاشها العراق والتي دفع الكثير من العراقيين حياتهم وكرامتهم ومستقبلهم من اجل التخلص منها.
الكاظمي في كتابه ان العرق كان البداية، وهو من دشن "الربيع العربي" قبل سنوات من تفجره، بل هو الزهرة الاولى في ربيع العرب. وهو اول من حقق المصالحة بين الموروث الثقافي العربي والديمقراطية في زمن الدكتاتوريات العربية رغم كل النواقص في ديمقراطيته الفتية. وان عام 2003 أدخل العراق، ومعه المنطقة كلها في تاريخ جديد، وإن العراق بتعبير الكاظمي فتح حسابا في مصرف الحرية، فتح ايضا حسابا للعرب جميعا في المصرف اياه، وليس صحيحا ان "ثورة الأرز" في لبنان هي التي اطلقت "الربيع العربي"، وليس صحيحا كذلك ان ثورة تونس كانت هي البداية، ذلك ان انتشال العراق من براثن الديكتاتورية والفاشية العسكرية، هو فعل تراكم نضالي عراقي قبل ان يكون نتيجة تدخل عسكري خارجي، والارادة الشعبية والسياسية العراقية هي التي صنعت هذا التغيير عبر الاستعانة بقوة غير عراقية. وما حصل في تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين، وما يمكن ان يحصل في بلدان عربية اخرى، على امتداد السنوات اللاحقة، ذو جذور عراقية قبل ان يكون ثورة تقنية ساعدت على تحقيقها التواصل الاجتماعي او فعلا خارجا عن ارادة الشعوب العربية.ويذكر الكاظمي ان الديمقراطية في العراق لا تنطلق بالضرورة من القيمة السياسية والخلقية والحضارية للديمقراطية، بل من الظروف التي مر بها العراق من لحظة التأسيس الى يومنا هذا، حيث عاش أسوأ مراحله التاريخية على كل الصعد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية. والديمقراطية كما يراها الكاظمي هي البديل الضروري عن الديكتاتورية في العراق المقبل، لاننا نريد عراقا للجميع، وليس لطائفة معينة او قومية مسماة او حزب مشخص، وعراق بهذه المواصفات لا يتحقق الا اذا كان للصوت الحر الدور الرئيس في تصميم القرار السياسي الاقتصادي والقانوني. ويصف الكاظمي دكتاتورية النظام العراقي السابق بانها أسوأ الديكتاتوريات التي شهدتها منطقة الشرق الاوسط، وقحة، سادية،متخلفة، غبية، متخبطة. ويحلل الكاظمي شخصية صدام الديكتاتورية منها ظاهرة الألقاب وظاهرة الملابس وظاهرة الادعاء.في نهاية كتابه يدعو الكاظمي الى وضع العراق في طريق الحداثة، التي يعتبرها نهجا حضاريا يتعارض مع نهج التقليد، وهي حصيلة تطور وتحول، عبر مجموعة من الصراعات والنتاجات الفكرية، وهي لا ترتبط بمكان او زمان، بل بالعقلانية والديمقراطية، وهي قواعد اساسية في بناء مجتمع معاصر.كتاب"مسألة العراق" قراءة للماضي والمستقبل العراقي، برؤية الكاتب العراقي المعروف مصطفى الكاظمي ذي التاريخ الطويل في مقارعة الدكتاتورية الصدامية، فقد عارض النظام، وله خبرة في مجال توثيق الشهادات وأرشفة الوثائق المرتبطة بالممارسات القمعية، ألّف الكثير من الكتب وأهمها "انشغالات إنسانية" الذي طبع في لندن وتم اختياره من قبل التحاد الأوروبي كواحد من أفضل الكتب التي ألفها ادباء لاجئون.قراءة كتاب "مسألة العراق" توضح لنا ما عاشه العراق إبان الحكم الدكتاتوري من قمع وقسوة، وتحوله الى عراق ديمقراطي قوي، اصبح أنموذجا للتطوير المرتجى في البنية العربية الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
مسألة العراق.. المصالحة بين الماضي والمستقبل
نشر في: 13 يوليو, 2012: 06:23 م