حسين عبد الرازق لم يكن حكم المحكمة الدستورية يوم الخميس الماضي ببطلان مواد في قانون انتخابات مجلس الشعب، وبالتالي بطلان مجلس الشعب الذي انتخب طبقا لهذا القانون وعدم دستورية تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية فيما عرف تجاوزا بقانون العزل.. مفاجأة لأي مهتم بالشأن العام ومتابع للحياة السياسية منذ 11 فبراير 2011 وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة البلاد.
«العزل السياسي» قانون تفصيل يفتقد الشرط الأساسي لأي قاعدة قانونية وهي أن تكون عامة ومجردة. فالسادة النواب الذين قدموا المشروع والذين أيدوه من خلال مناقشة مواده أكدوا بوضوح أن القانون يهدف إلى عزل عمر سليمان وأحمد شفيق ومنعهما من خوض انتخابات رئاسة الجمهورية. إضافة إلى أسباب العوار الأخرى مثل اعتبار تولي منصب حكومي محدد سببا في حد ذاته للعزل السياسي، وأن يتم العزل دون تحقيق ودون صدور حكم إدانة قضائي..إلخ.أما قانون انتخابات مجلس الشعب فمنذ طرح للنقاش العام وطلب من الأحزاب السياسية مناقشته وإبداء الرأي فيه، اعترض كثيرون على الجمع بين نظام الانتخابات بالقوائم النسبية ونظام المقاعد الفردية وعلى تمييز المنتمين لأحزاب سياسية (وعددهم لا يتجاوز 3% من الناخبين في أحسن الأحوال) على حساب غير المنتمين لأحزاب سياسية (وعددهم يتجاوز 97% من جملة المقيدين في جداول الانتخاب)، وأكدوا عدم دستورية التعديلات التي أدخلت على القانون لإخلالها بقاعدة المساواة بين المواطنين. ولفتت بعض الكتابات إلى أن المحكمة الدستورية ستحكم بعدم دستورية مواد هذا القانون في حالة الطعن عليها، خاصة وهناك حكم سابق صادر عن المحكمة الدستورية العليا في 19 مايو 1990 بعدم دستورية بعض مواد قانون انتخابات مجلس الشعب (38 لسنة 1972) المعدل بالقانون رقم 88 لسنة 1986 ينطبق تماما على التعديلات التي أدخلت على القانون عام 2011 وطعن عليها أمام المحكمة الدستورية وحكمت بعدم دستوريتها يوم الخميس الماضي.ومع أهمية هذا الحكم التاريخي للمحكمة الدستورية العليا، الذي أدى بالضرورة إلى حل مجلس الشعب (الباطل) فقد ترتبت عليه بعض المشاكل، التي وقع على المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته الذي يتولى إدارة البلاد عبء البحث عن حلول لها. أولى هذه المشاكل تتعلق بسلطة التشريع. فعقب انتخاب مجلس الشعب انتقلت سلطة التشريع من المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى مجلس الشعب. وبحل المجلس تعود هذه السلطة تلقائيا إلى المجلس «العسكري». وفي حال احتفظ بها فهذا يعني استحالة انتهاء الفترة الانتقالية في 30 يونيو كما كان مقررا، واستمرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة في ممارسة دوره في حكم البلاد. وإذا قررالمجلس العسكري نقل سلطة التشريع للرئيس المنتخب فسيحوله إلى دكتاتور رغم أنفه حيث سيجمع بين يديه السلطتين التنفيذية والتشريعية، حتى يتم انتخاب مجلس شعب جديد. ولا يبدو في الأفق جهة أو مؤسسة يمكن أن يعهد إليها بممارسة سلطة التشريع. المشكلة الثانية تتعلق برئيس الجمهورية القادم. فالإعلان الدستوري ينص على حلف الرئيس لليمين أمام مجلس الشعب قبل ممارسته سلطاته. والمطلوب الآن البحث عن جهة دستورية لحلف الرئيس اليمين، وتتجه أغلب الآراء إلى حلف الرئيس اليمين القانونية أمام المحكمة الدستورية العليا. ولكن هذا الأمر لن يتم بصورة تلقائية، بل لابد من سند له في الإعلان الدستوري. المشكلة الثالثة والمهمة تتعلق بالقضية التي أثيرت في فبراير قبل الماضي (2011) عندما طالبت الأحزاب والقوى السياسية بأن تتم صياغة وإقرار الدستور أولا، ثم تجري انتخابات السلطة التشريعية ورئاسة الجمهورية. ولكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة و«ترزية» القوانين الذين استشارهم قلبوا الآية وخالفوا المنطق والسوابق الدستورية وقدموا الانتخابات على الدستور. والحكم فرصة لتصحيح هذا الخطأ والبدء بصياغة الدستور ثم الانتخابات التشريعية (فانتخابات الرئيس تمت بجولتيها). المشكلة الرابعة هي مشكلة «الجمعية التأسيسية» لصياغة الدستور.. فالتشكيل الحالي جاء محملا بكل العوار والمخالفات التي أدت بمحكمة القضاء الإداري إلى إلغاء قرار تشكيل هذه الجمعية. وبالتالي فالتوقع أن تقبل المحكمة الطعون التي قدمت بالفعل على التشكيل الجديد، ويصبح من الضروري - وقبل تشكيل الجمعية التأسيسية- أن يضع المجلس الأعلى للقوات المسلحة معايير صحيحة للتشكيل، وأمامه المعايير التي توافقت عليها الأحزاب والقوى السياسية في اجتماعها مع ممثلي المجلس الأعلى للقوات المسلحة في ابريل/نيسان الماضي.وقد تصدى المجلس الأعلى للقوات المسلحة لهذه المشاكل وأصدر مساء الأحد الماضي إعلانا دستوريا مكملا لحل هذه المشاكل.فحسم مشكلة أداء رئيس الجمهورية اليمين القانونية فحدد الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا، في حالة غياب مجلس الشعب.وصحح جزئيا خطيئة انتخاب المجالس التشريعية ورئيس الجمهورية قبل صدور الدستور، فحدد موعد انتخاب مجلس الشعب الجديد خلال شهر من إقرار الدستور.وألغى النص في الإعلان الدستوري الذي كان يسمح بالجمع بين نظام القائمة النسبية الحزبية والمقعد الفردي.وفتح الباب أمام تشكيل الجمعية التأسيسية بقرار من المجلس العسكري &
سلطة القوّات المسلّحة
نشر في: 13 يوليو, 2012: 06:26 م