عبد الصمد يستجوب المالكي حليف كبير للمالكي في البصرة، يحاول ان يفصل حساباته عن حسابات رئيس الحكومة، وفي توقيت سيء جدا لحزب الدعوة. اكبر حليف للمالكي في مركز صناعة النفط العراقي، يكشف تلكؤا كبيرا لرئيس الحكومة في ملف البصرة، وذلك عشية تعرض المالكي الى استجواب وشيك في البرلمان.
اعتراض على مجلس الوزراء لم يسجله الكرد او مقتدى الصدر ولا "جماعة علاوي". الاعتراض الكبير يأتي من كتلة السيد نوري المالكي التي تحكم تلك المحافظة منذ اربعة اعوام. كبار مسؤولي الحكومة المحلية هناك والمحافظ خلف عبد الصمد المقرب من رئيس الحكومة جدا، كشفوا ان مجلس الوزراء يقوم بتعطيل اكبر 7 مشاريع في المحافظة منذ 6 شهور. وقالوا لاكثر من وسيلة اعلام ان المشاريع المعطلة تبلغ قيمتها نحو مليار دولار. وان التعطيل يظل بلا مبرر.المحافظ يدق جرس الانذار ايضا. يقول ان اجراءات الحكومة الضريبية جعلت تجار البصرة ينقلون انشطتهم الى كردستان الاكثر تحررا في الاقتصاد. انه يتحدث عن بصرة تملك 60 في المئة من احتياطي النفط في العراق ونحو 10 في المئة من الاحتياطي العالمي للنفط. وهي المدينة التي تقع فيها كل موانئ البلاد الستة. ولديها منافذ حدودية مع ايران والسعودية والكويت. كما انها المدينة الوحيدة التي يعمل داخلها كل عمالقة البترول الذين يمثلون الدول دائمة العضوية في مجلس الامن. لكن كل هذه الميزات لم تشفع للبصرة اذ راح التجار ينقلون انشطتهم منها الى كردستان حسب المحافظ الذي يلقي باللوم ويصرخ في وجه حكومة مركزية يديرها زعيمه السياسي.ان حديث المحافظ لا يأتي وحسب عشية استجواب المالكي في بغداد. حديثه لا يقدم وحسب المزيد من مبررات عزل المالكي الذي بقي في السلطة سبعة اعوام لكنه لم يتعلم بعد كيف يتعامل مع المدينة التي يراهن عليها العراق في مستقبله الاقتصادي. حديث المحافظ يأتي ايضا في سنة تنتهي خلالها ولاية كل المحافظين ويفترض ان يستعدوا دستوريا لانتخابات مجالس المحافظات. خلف عبد الصمد يشعر انه وجمهوره في واد، بينما زعيم حزبه في واد آخر. ان تصريحاته هذه تعكس شعورا بالخذلان، والزعيم في بغداد يتلكأ ويعجز عن دعم حليفه في البصرة. اي عجز هذا وكيف يمكن تفسيره؟المحافظ يتحدث بصراحة عن الخيار الفدرالي. ورغم انه يحاول انتقاد تجربة كردستان الا انه يعكس وجهة نظر الصالونات السياسية في البصرة والتي يبدو انها تقوم بتنضيج مشروع اعلان اقليم يدعمه الجميع هناك.امور عدة تشجع الطبقة السياسية في البصرة على تصعيد لهجة الانتقاد لحكومة المالكي التي تعطل المشاريع وتتسبب في "تنويم" مليار دولار. لقد تلقت البصرة جرعة كبيرة من "الثقة بالنفس" حين شاهدت عمالقة النفط يعملون في اكبر آبار البترول. المحافظ يفتخر بأن سفراء 7 دول يتجولون مشيا على الاقدام قرب كورنيش العشار، ويتناولون طعامهم في الفنادق الفخمة. المحافظ مدفوعا بجو عام يسيطر على المدينة، يشعر ان كل الظروف مهيأة لكي تتحرك البصرة بسرعة. لكنه يصطدم ببطء ولا مبالاة واهمال في بيت المالكي نفسه. المالكي المشغول بمعارك لا تنتهي، لا يأبه لمليار دولار "نامت" من مخصصات البصرة او الحلة او الانبار. والمحافظ قلق من اقتراب الانتخابات، ومن العتب الشديد والاعتراض الساخر الذي يلاحقه في البصرة. الجميع يقول له: انت من حزب المالكي وتفشل في تحريك اموالنا، وتجارنا ينقلون انشطتهم الى كردستان؟ هل لدى هذا الحليف جواب مقنع؟ لقد تمنى عبد الصمد ان يكون المطلك او العيساوي او بارزاني، سببا في تعطيل مشاريع البصرة، لكنه يلتفت يمنة ويسرة ثم يواجه حقيقة واحدة: الاموال بيد المالكي نفسه، وهو يعجز عن تحريكها؟ ومصيبة عبد الصمد انه لا يجد تفسيرا لعجز المالكي. والانكى انه لا يجد تأويلا لاستمرار العجز سنة اثر سنة.لعل عبد الصمد يحاول اطلاق دعايته الانتخابية مبكرا، ولعله يحاول ان يفصل حساباته عن حسابات المالكي نسبيا، عبر انتقاد مجلس الوزراء والكشف عن حزمة الحقائق المؤسفة. عبد الصمد "يغار" من كردستان خصمه ومنافسه، لكنه يعلن ان خيار الفدرالية ينضج في المدينة كما لم يحصل من قبل. عبد الصمد نفسه يستجوب المالكي بطريقته الخاصة، والبصرة يمكن ان تسبق الجميع في استجواب رئيس الحكومة، الذي لم يحصل رغم مرور سنوات من شغله المنصب، على خبرة كافية تؤهله لدعم قلب النشاط الاقتصادي في البلاد