عدنان حسين حاولت أمس الحصول على عدد كامل أو تقريبي لما سيتخرج من جامعاتنا هذه السنة. استعنت بالشبكة العنكبوتية فلم تُعنّي. لا موقع وزارة التعليم العالي وجدت فيه إحصائية بعدد المشاركين في الامتحانات الجامعية النهائية ولا موقع وزارة التخطيط (الجهاز المركزي للإحصاء). بل لم أجد في الموقعين ولا في أي موقع آخر عدد المتخرجين في السنة الدراسية الماضية (2010 – 2011).
لم استغرب هذا، فدولتنا ما انفكت تعادي الإحصائيات والأرقام.. هي دولة لم تزل معبأة بعقلية النظام السابق الذي كان يعتبر كل رقم وإحصائية سراً مقدساً يتعلق بالأمن القومي والوطني والحزبي والرئاسي. على أية حال ليس هذا الموضوع الذي أريد الكتابة فيه اليوم. فقد وفّر لي موقع الجهاز المركزي للإحصاء إحصائية بعدد المتخرجين من الجامعات (الحكومية والخاصة) في السنة الدراسية 2009 – 2010 وهو في حدود 74 ألفاً. وعليه افترض أن الذين سيتخرجون من جامعاتنا هذه السنة يزيد عددهم عن 75 ألفاً. ما الذي يعنيه هذا الرقم؟ قبل كل شيء هو يعني القاء نحو 60 ألف شابة وشاب في هوة البطالة القاتلة، بافتراض أن نحو 15 ألفاً سينجحون في مواصلة دراساتهم العليا أو إيجاد أعمال لهم في القطاع الخاص أو قطاع الدولة (بوساطات من أحزابهم الحاكمة وأقارب لهم نافذين في الدولة). وبالإضافة إلى هذا الجانب المظلم (العطالة) في حياة الخريجين الجدد فان الجانب الأكثر إظلاماً يتعلق بمستواهم العلمي. الأغلبية الساحقة من الخريجين الذين نصادفهم في الحياة نجدهم في مستوى علمي متدنٍ للغاية.. يبدون كما لو أنهم لم يدخلوا الجامعة ويمضوا فيها أربع سنوات .. بل يبدون في مستوى أدنى من مستوى خريجي المتوسطات والثانويات في سنوات ما قبل ثمانينات القرن الماضي. منذ أيام أرسلت لي صديقة عبر البريد الالكتروني صورتين لأسئلة درسي الجغرافيا واللغة الانكليزية للصف السادس الابتدائي للسنة الدراسية 1925 – 1926. في الحال أجبت الصديقة قائلاً: أشك في أن يستطيع طلبة جامعاتنا هذه الأيام الإجابة على تلك الأسئلة بنجاح. هذا الحكم قائم على ما نلاحظه من مستوى طلبة الجامعات هذه الأيام.كيف وصلنا إلى هذي الحال؟ بالتأكيد يتحمل نظام صدام، بحروبه وسياسة التبعيث، المسؤولية عما آلت إليه أوضاع التعليم عامة والتعليم العالي والبحث العلمي خاصة. لكن ماذا عن مسؤولية النظام الحالي؟ هل هو بريء تماماً؟التعليم، والتعليم العالي بالأخص، في العهد الجديد كان يحتاج الى نظام مناقض للنظام المتبع في عهد صدام.. نظام يُبعد التعليم بكل مستوياته واختصاصاته عن السياسة والدين والتمذهب، لكن الذي حصل ان النظام الحالي، كما نظام صدام، أغرق العملية التربوية والتعليمية بكل ما يدمّر هذه العملية.كما في حياتنا السياسية التي كان فيها في ما سبق صدام واحد وها نحن الآن بعدة صدامات، فان في التعليم صارت لنا مناهج وأنظمة متعددة، سياسية وطائفية في جوهرها. وهذا خراب آخر يُضاف إلى الخراب الشامل الذي يُطبق علينا... خراب لا بد أن يتوقف لننهض من خرابنا الشامل.
شناشيل :كيف الحال يا خريجي الجامعات؟
نشر في: 13 يوليو, 2012: 06:55 م