هاشم العقابيبعد أن نشرت عمود الأمس، على الفيسبوك، راسلني أحدهم معترضا بشدة على ما كتبت. صار يكيل المديح للمالكي بطريقة تفوق كل قصائد الشعراء الشعبيين التي كانوا يمدحون بها صدام في أيامه. ولأني لم أجبه، يبدو أن الرجل فقد أعصابه فتبعها برسالة تحمل سيلا من الشتائم لكل من يوجه نقدا لرئيس الوزراء. ثم أفرد رسالة خاصة لتقاسيم من "الفشار" الثقيل خص بها جريدة المدى والعاملين بها.
أنهاها بتشفّ مصحوب بــ "هههههه" طويلة جدا بسبب حجب الموقع الإلكتروني لهذه الجريدة بفعل قرصنة لا يحتاج المتتبع إلى كثير من الفطنة ليعرف من قام بها.حاولت أن أمتصّ غضبه، فقلت له إن هذا الأسلوب غير صحيح، وذكرته بأن الكلام صفة المتكلم. ربما خجل قليلا فعاد للموضوع الرئيس مستنكرا مرة أخرى اتهامي قواتنا الأمنية بالجهل. ثم أخبرني، وهذا هو المهم، انه ضابط كبير في عمليات بغداد ويعرف أكثر مما أعرف. ولكي يفحمني، حول لي مقطع فيديو على اليوتيوب يحمل عنوان "رئيس الوزراء نوري كامل المالكي في جولة تفقدية على القوات الأمنية العراقية فيديو نادر". وذيّل آخر سطر برسالته بالقول: "خلوا الله بين اعيونكم وشوفوا يالله تحجون". شكرته وواعدته أن أجيبه بعد أن أنتهي من مشاهدة الفيلم. أنهيت مشاهدة الفيلم فقررت أن أجيبه، ليس برسالة خاصة، بل هنا. أولاً، هاكم الرابط الإلكتروني للمقطع الذي شاهدته، حتى تكونوا في الصورة: http://www.youtube.com/watch?v=4oM2T91ECME.أول ما شاهدت المقطع تساءلت عن الهدف من تسجيل هكذا أفلام ونشرها. أليس العمل الأمني يجب أن يكون استخباراتيا ويعتمد السرية خاصة في مجال مكافحة الإرهاب؟ ركزت بشكل جدي على لسماع توجيهات السيد المالكي، خاصة أسئلته. أول سؤال وجهه للمسؤول الأمني ، كان بالنص: "هم اتسوون اذا اجتكم فرد معلومة او فرد شي، تسوون زركـة". وعن هذه الـ "زركة" يجيب المسؤول الأمني: "نعم زركناهم". وهنا يرتاح السائل ليرد: "بشرتني بخير"، وظل يشكر الجمع ويوعدهم بالمكافآت وزيادة الراتب ورفع الرتب. ويسألهم: "شلونكم مسيطرين إن شاء الله؟". وظل السؤال يتكرر والجواب دائما: "بخير والحمد لله". هل ينقصكم شيء؟ ويأتي الجواب "لا"، باستثناء احدهم شكا من تأخر المخصصات، فوعده السائل بالإفراج عنها قريبا. عن أي خير يتحدثون والمفخخات خرّي مرّي؟وهناك سؤال لا أعرف مغزاه، وإن كان يبدو مزحة من قبل السيد المالكي، وجهه لأحد أفراد القوة الأمنية بعد أن قدم نفسه وكان لقبه، المالكي أيضا: مالكي؟ اشجابك اهنا يا مالكي؟ لو كنت مكان ذلك العسكري، لأجبته بصراحة وأنت شجابك هنا (سيدي)؟ أو على الأقل سأقول له: جابني الجابك؟وبالمناسبة كانت أكثر كلمة سمعتها في الفيلم المسجل، هي "سيدي". وتساءلت: هل يصح أن يخاطب العسكري مسؤولا مدنيا بها؟ أعتقد أنها تحتاج مختصا ليجيب، أما أنا فلا أراها غير بدعة اخترعها صدام وفرضها على الجيش ليخاطبوه وأولاده بها.كم أتمنى لو أن عدد الكلمات المسموح بها لهذا العمود كانت أكثر، لقلت الذي في قلبي الآن. مع هذا ومن باب رد "الجميل" بالجميل، بحثت عن أغنية "أبو زرگـة طلع من بين البيوت" على النت، فوجدتها. وها أنا أترككم عند هذا الحد لأستمتع بسماعها، ومن ثم أحول رابطها لمن أرسل لي مقطع الفيديو. قطعا سأشكره لأنه أثبت لي باني، في عمود الأمس، ما كنت ظالما.
سلاما ياعراق : أبو "زركـة"
نشر في: 14 يوليو, 2012: 05:51 م