أ د. نجم عبد الله كاظمبداية يجب أن نشير إلى أن العنوان الرئيس لمقالنا مقتبس بشكل شبه كامل من عنوان دراسة طويلة قمنا بترجمتها مؤخراً ونرجو أن تظهر منشورة قريباً، وهي (الأنثوي، النسوي، النسائي)- حسب ترجمتنا بالطبع- بقلم الكاتبة الأنثوية النرويجية الشهيرة توريل موي Toril Moi.
أما العنوان الثانوي (محاولة لفك الاشتباك) فيرد ما يشبهه في ثنايا تلك الدراسة. والإشارة الأخيرة تعني أن الاضطراب وعدم الدقة والاشتباك بين المفردات أو التسميات أو المصطلحات موجودة كلها في اللغات الغربية قبل العربية. ولكن بالتأكيد كان للاقتباس والترجمة إلى العربية أن زاد من هذا ليقترب من أن يصير عربياً اضطراباً وفوضى في الفهم وفي تحديد المصطلحات واستخدامها وفي عدم التفريق في ما بينها وتداخل الحقول. وكان من الطبيعي أن يتحول هذا كله إلى إشكالية أو معظلة يواجهها كل من يتصدى لدراسة المرأة ونقد إبداعها وموضوعاتها ومتعلقاتها في الأدب والنقد وربما الثقافة عموماً تأليفاً ونقداً وموضوعات ووجهات نظر. بعبارة أخرى، إذا كان مثل هذا موجوداً أصلاً في الغرب، فقد كان من الطبيعي أن ينجر، ولكن مع تداعيات وإفرازات مضافة، إلى العربية، بسبب عوامل عديدة لعل أهمها ما يأتي: أولاً: كون الحقل المعني هنا، على الأقل في طروحاته الجديدة، غربياً وليس عربياً أصلاً، كما هو معروف.ثانياً: الترجمة من اللغات الأخرى، ولاسيما الإنكليزية والفرنسية وما يرافقها من إشكاليات، ويترتب عليها من دقة وعدمها، واختلافات يسببها اختلاف طبيعة كل لغة عن طبيعة أية لغة أخرى، وما يترتب على ذلك من اختلافات في المفردة والاشتقاق وطرق التعبير وصياغة المصطلحات. ثالثاً: اختلاف الثقافات وما تفرضه من اختلاف فهم ورؤى لمختلف الأمور والسلوكيات والقيم والعلاقات. رابعاً: وتعلقاً بهذا تأتي في موضوعنا المرأة، كياناً وقضيةً، في الثقافات المختلفة، خصوصاً الغربية من جهة والعربية من جهة أخرى، خامساً: وتعلقاً بما سبق أيضاً، تبرز الهيمنة المستمرة، مع انحسارها ولكن الطفيف، للأبوية/ الباترياركية على المجتمعات العربية والإسلامية. هذه العوامل وغيرها، ولاسيما العامل الأخير، كثيراً ما قاد ويقود إلى إشكاليات للباحثين قبل القراء، حين يعالجون ما يتعلق بالمرأة ثقافياً وإبداعياً ونقدياً. وهو ما كنا نلحظه حين نترجم بعض ما يتعلق بهذا من الإنكليزية إلى العربية، وحين نكتب فيه نقدياً وبحثياً، وتشكل واضحاً أكثر من ذي قبل حين قمنا مؤخراً بترجمة الدراسة المذكورة سابقاً عن (النسوية والأنثوية)- وليعفني القارئ باستخدام المصطلحين مؤقتاً. فلعل أكثر ما يبرز وجهاً لهذه الإشكاليات هو تعددية المصطلحات وتداخلها وعدم وضوحها، أو على الأقل عدم الاستقرار على دلالة كل منها واستخدامها في الكتابات الأدبية والنقدية، وأبرزها: النسوي والنسوية، والنسائي والنسائية، والأنثوي والأنثوية. من هنا يأتي مقالنا هذا لنبين رأينا الذي هو حصيلة ترجمةٍ وكتابةٍ في (الحقل) أو (الحقول) ذات الصلة خلال ما يقارب الخمس عشرة سنة، مضافاً إليها قضاء سنتين مؤخراً في إحدى الجامعات البريطانية، صادف أن تم خلالها طرحُ كورس لطلبة الدراسات العليا عن الجنوسة (الجندر) وتهيأ لنا الاطلاع على بعض طروحاته ومواده. وإذ نزعم أن مقالنا القصير هذا يحاول أن يزيل بعض غموض الحقل ويفك الاشتباكات ما بين المصطلحات والدلالات والاستخدامات، وبالضبط كما حاولت توريل موي نفسها أن تفعله في اللغة الإنكليزية في دراستها السابقة، فإننا لن ندّعي أننا بالضرورة سنكون أصحاب الرأي الصائب وغيرنا- ممن نختلف معهم أو سيختلفون معنا- هم أصحاب آراء خاطئة. لأن الإشكالية الرئيسة تكمن في المصطلحات واستخدامها لما يُراد لها أن تعبر عنه، أكثر منها في الحقول أو فروع الحقل المعني ذاتها- ثقافة المرأة وأدبها ونقدها- فإن اقتحامها أو لنقل البدء بها مباشرة يضعنا في لب المشكلة والإشكالية بحيث قد لا نستطيع أن نخرج منهما، أو نعجز عن إقناع الآخرين، مختلفين أو متفقين معنا، بها. وعليه نرى أن نبدأ بتحديد فروع الحقل المعنية ووضع الحدود في ما بينها- متى ما كان ذلك ممكناً- وهو ما نعتقد سيكون أيسر وأكثر مدعاةً للاتفاق، خصوصاً وأنه سيضعنا وسط بيئة عربية ولغة عربية وممارسات عربية، وبالتالي هو لن يقحمنا في المصطلحات، لنبحث لها بعد ذلك ما ينطبق عليها من المفردات أو التسميات أو المصطلحات التي هي موجودة أصلاً. فالوصول إلى اتفاق أو شبه اتفاق على هذا الحقل أو فروعه سيقودنا، إذن، إلى وضع اليد على أي من تلك الكلمات أو التسميات أو (المصطلحات) العربية أكثر تعبيراً أو دقة في هذا التعبير عن كل منها، وفقاً لمعانيها المعجمية واستخداماتها في العربية. وسنخلص بعد ذلك إلى مقابلة كل كلمة أو تسمية أو مصطلح لما نرى أنه يلتقي معه أو يبدو مقابلاً له من المصطلحات الإنكليزية، التي نفترض أنها- إلى جانب الفرنسية- المصدر الرئيس لنقدنا ومصطلحاتنا الحديثة. تعلقاً بالمرأة وما يرتبط بها ثقافياً وفنياً وأدبياً ونقدياً، نعتقد أنها تتوز
النسوي والنسائي والأنثوي..محاولة لفكّ الاشتباك (1-2)
نشر في: 14 يوليو, 2012: 06:09 م