TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > السطور الأخيرة: الفارسة والمترجلون

السطور الأخيرة: الفارسة والمترجلون

نشر في: 14 يوليو, 2012: 06:17 م

 سلام خياطأغدقت ملكة بريطانية – على مهندسة عراقية عالمية – لقب (فارسة) وهو لقب تشريف وتكريم، لا يمنح إلا لمن تميز بميزة التفرد، وعبر عالمية الإبداع.يذكر الدكتور محمد مكية في كتابه (خواطر السنين) تحرير الدكتور رشيد الخيون – ص 178 – إن زهاء حديد – خريجة الثانوية آنذاك – لم يقدر لها الدراسة في كلية الهندسة، لنقص زهيد في المعدل المطلوب، رغم التماس وشفاعة الدكتور أحمد سوسة وقاسم حسن، للتغاضي عن شرط المعدل.
نسأل بلجاجة باحث: ماذا لو شفع  لها التماس الشخصيتين؟ ماذا لو زكى طلبها  اسم والدها الوزير؟ بل ماذا لو أسعفها الحظ بنيل المعدل المطلوب، لتواصل الدراسة ببغداد؟ ماذا لو لم تترك العراق لتواصل رحلة تحقيق الحلم ببيروت ثم بلندن؟نشتط بالسؤال،: ماذا لو مكثت ببغداد؟ ونتوسم إجابات شتى، منها: معلمة في مدرية ثانوية في الناصرية، محاضرة في كلية التراث! ربة بيت مثقلة بالتزامات العائلة، سكرتيرة لوزير يحمل شهادة ابتدائية، أرملة،  مطلقة، مجتثة أو مهمشة بسبب انتمائها لهذا الحزب  أو ذاك، مشبوهة لتولي والدها منصب وزير في عهد عبد الكريم قاسم. لائذة بأبواب مديرية التقاعد تلاحق راتب الوالد التقاعدي دون جدوى، أو جثة هامدة مدماة ملقاة على الرصيف إثر انفجار مفخخة، أو.. أو.الفارسة:عالمية الهوية، ما اتكأت على حزب ولا اندست تحت خيمة كتلة، ما زايدت على لقب، ما ارتدت العباءة تقية، ولا تنقبت بنقاب ولا تسربلت بكفوف سوداء مسايرة للسائد...تعالوا... تعالوا نستحِ من عرينا المعرفي، وتفوقنا في اللا إنجاز وقدرتنا على الثرثرة والعبث المبرر بالحجج الزائفة المدجج بالعنتريات. هذه امرأة  منتجة، وزعت ثمرات أفكارها عبر شعاب الأرض، من مدريد إلى هونج كونج، إلى لندن وباريس، إلى كلاسكو، إلى روما، إلى أذربيجان، إلى البحرين وأبو ظبي، إلى... الفارسة.. شحيح ظهورها في الفضائيات، مقطر حديثها حين تتحدث، رغم آفاق نجاحها، لم تدع (ي) التفرد باجتراح معجزات النجاح، تشير للكادر الدؤوب الذي يعمل بإمرتها، بفخار واحترام، أنجزت بهم ومعهم 950 مشروعا عالميا، موزعا على 44 بلدا، بكادر يضم 350 فردا مؤهلا، يحملون 55 جنسية، لا يفرق بينهم جنس ولا طائفة ولا دين، ولا يجمع بينهم إلا شرط الكفاءة.الفارسة.. لم تغرف النجاح من قصعة فارغة، مذ بدأت العمل وهي تحاول التفوق على نفسها بالمزيد من التفرد.. في تصاميمها، انسيابية الماء من شلال، او رقراق جدول، في خطوطها صلابة الصخر، في انعطافات الزوايا تزاوج الضوء بالعتمة، تنسج من الحديد سقوفا من الدانتيلا، وتعجن الزجاج بالحصى بالمرايا،  لتقول لعلم الهندسة: هلا.. ها  أنا  ذا.للفارسة – ز – ها – أ (هذي حروف موقعها الالكتروني) المجد، ولأعمالها الخلود، وللخائبين، المفسدين، العاجزين عن  الإنجاز،  المترجلين عن صهوات جيادهم -عند أول  كبوة -،  لهم وعليهم  وصمة العار.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram