TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق : حَمَد

سلاما ياعراق : حَمَد

نشر في: 14 يوليو, 2012: 06:30 م

 هاشم العقابيإن كان العراقيون في أحاديثهم العامة لا يمرون على اسم "حمد" كرمز، إلا أن هذا الاسم كان بطلا حاضرا في الكثير من الأغاني والقصائد الشعبية، خاصة الحديثة منها. ورمزية "حمد" لم تتخذ شكلا واحدا. فهو المحبوب والعاشق والطيب. وهو الثائر والعامل الكادح والفلاح المظلوم والشهم. وبقدر ما أحب العراقيون "حمد" إلا أن اسمه كان يرعب السلطة ويخيفها، من دون أن تعرف من هو "حمد".
فمن عجائب وغرائب رعب السلطة، انه في أول أيام تسلط صدام على كرسي الرئاسة بعدما كان نائبا، صدر قرار بمنع كافة الأغاني التي يرد بها اسم "حمد" بأي شكل من الأشكال. والسبب غير المعلن رسميا، وعرفناه في ما بعد، هو أن البعثيين يعتبرون "حمد" رمزا للحزب الشيوعي! وظاهرة الخوف مما  تحبه الناس واحدة من مؤشرات ظهور بوادر الدكتاتورية.لا أدري بالضبط أي دافع دفعني لأسأل نفسي ليلة البارحة، في لحظات ما قبل النوم: من هو هذا "حمد" الذي أحببته كما أحبه الناس ورسمت له صورة خاصة في مخيلتي؟ ومنذ صباح اليوم صرت أبحث عن "حمد" وسر حفظه في ذاكرتنا الشعبية. "حمد" العاشق هو "أحميّد" الذي غناه حضيري أبو عزيز على لسان امرأة تتوجع من حبه وما جرّه عليها ذلك الحب من مصائب: "أحميد يا مصايب الله". ولشدة حب العراقيين للأغنية، صارت كما المثل السائر بينهم.ثم في بداية الستينات أتى المسلسل الإذاعي الغنائي "غيدة وحمد" الذي ذاع صيته، في أيامها، فعرف الناس "حمد" ذلك الفلاح الريفي البسيط الذي أحب ابنة الشيخ. تعاطف الناس مع هذا العاشق الجميل وحبيبته فصارت قصته مع "غيدة "، عند العراقيين، كقصة "قيس وليلى".أما "حمد" البطل السياسي والحبيب والمحبوب أيضا، فقد ظهر مع بداية تجديد القصيدة الشعبية على يد مظفر النواب والتي جاءت بعد قصيدة "الريل وحمد"، ثم غنيت في ما بعد فأحبها الناس وحفظوها أكثر مما حفظوا نشيدهم الوطني.تصفحت مكتبتي بحثا عن القصائد الشعبية التي جاءت على اسم "حمد"، فلم أجد صفة طيبة أحبها العراقيون إلا ووصفوه بها. فهو "ابن ديرتنه" الذي " وده الشمس تضحك لهلها" و "ابن توتة بيتنه الخضرة المطر الازركـ غسلها".وهو مطلب العراقية العاشقة التي تبحث عن حبيب يستحقها فتغنيه "آنه ارد الوكـ الحمد ما لوكـ أنا الغيرة". وهو البطل المرتجى حين يشتد الظلم بالعراقيين فينتخونه: حمد تفكـة بثنايا الهور والبيرغ ركـد نُصّهحمد والعار طر الهور مامش زلم وتكـصةوحينما تطول بيهم أيام وليالي القهر والخوف  ينادونه:حمد يا نخوة الخايف حمد يا غنوة اشفايف حمد والراي من يحتار يكـصد ليك ويشيركحمد ترضه خواتك نايمه من الجوع..  وانت الزاد بشليلك؟أينك يا حمد فهذا يومك؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram