اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الواقعية الاجتماعية الآسيوية بين الواقع والسخرية منه (1-2)

الواقعية الاجتماعية الآسيوية بين الواقع والسخرية منه (1-2)

نشر في: 14 يوليو, 2012: 06:40 م

علي النجار من اجل معاينة نماذج واضحة من منجز الواقعية الاجتماعية في الفن الاسيوي المعاصر. فإنني اختصر هذه الموضوعة بمثلين من بلدين متجاورين مختلفين، هما الصين وإيران، وذلك لتشعبهما:          
مثلما هي حركة التاريخ تمر بدورات وانقطاعات، كذلك هو حال الفن الذي تتغير أنماطه الرئيسية، وأساليبه الأدائية، بمرور الزمن وتقلباته، فان كانت واقعية كورييه الأوربية (القرن التاسع عشر) ردة فعل على الرومانسية، وإعادة الاعتبار إلى الإنسان ومحيطه، من دون مثاليات ولا مبالغات رومانتيكية، بل كما هو مظهره الخارجي في خلوته وكدحه، وبثقله المظهري الفيزيائي، وإن نبِذ صاحبها من بلده فرنسا لموقفه من الملكية، فإن ارثه لم يمح، بل أصبح في ما بعد مع أهم تأثيرات واقعية أوربية أخرى، هي الواقعية الاشتراكية في النصت الشرقي من قارة أوربا. وكان واضحا تأثير تقنيته الواقعية على امتداد حقبتها الاشتراكية الزمنية التي بدأت منذ بداية القرن العشرين، وبعد أن (اقرها الحزب الشيوعي السوفيتي عام(1932) فنا رسميا، وحتى انتهاء الحقبة الاشتراكية في أوربا نهاية ثمانينات القرن العشرين). rnوفي الصين بدأ التمرد على هذه الواقعية منذ الثمانينات ايضا. وكان للتغبير الدراماتيكي نهاية الحرب الباردة، بعد زوال المعسكر الاشتراكي، ودخول العالم حلقة العولمة الجديدة... الأثر الكبير في هذا التغيير، لكن  الأمر لم يكن بهذه السهولة، إذ لولا حادثة (مذبحة ميدان السلام السماوي(1989) في بكين) لما كنا ندري كيف سيكون أمر هذا التغيير. فهذه الحادثة أو الهزة، هي التي ساعدت على  الإسراع في خلق جيل فني معاصر جديد. أهم علامات معاصرة الفن الصيني، وخاصة في مجال الرسم، تتمثل في نتاج عدد من الفنانين الجدد (الطليعيين) الذين كرس بعضهم (الواقعية الاجتماعية) مجالا واسعا لتناول العديد من القضايا الاجتماعية (التي كانت محظورة) سابقا مجالا لرسوماتهم. من أمثال (زهانك كزاوكانك، فانك ليون، يي منجون). لقد سعى هؤلاء الفنانون وغيرهم لتجاوز المحظور، وللحد الذي تناول بعضهم إيقونة (ماو تسي تونك) بشكل جديد لم تعهده الصين الشيوعية قبل ذلك. الرجل الذي أسس الاشتراكية الصينية، وحكم أطول فترة زمنية من تاريخ الصين الحديث، ومارس اجتهادات، كانت صائبة، وخاطئة. لكن كان أسوأها الثورة الثقافية (1966 ـ 1976) التي قضت على الكثير من المخلفات الأثرية الثقافية والدينية.  لقد تناولت سيرته الواقعية والجماهيرية المتخيلة كما كبيرا من الرسوم، والرسوم الجدارية الواقعية الاشتراكية. لكن تحولت صورته إلى حقل تجارب في أعمال الفنانين الجدد، معتمدين على كاريزما شخصيته العاطفية الجمعية، وللحد الذي أصبحت فيه كتعويذة أو ماركة تجارية. بالتأكيد هم في كل هذه الأعمال تجاوزوا محظورات السلطة الثقافة الصينية المحافظة. فهم، في هذه الرسوم يعيدون تفكيك (الشخصية ـ الحدث) كأيقونة شعبية، لكن، بعد أن يقصوها عن إطارها الإيديولوجي. وكصورة قابلة لمعاينة ملامحها الظاهرية والباطنية وبتزويق جديد يحمل ملامح جديدة لعصر مختلف لا يفقد حنينه لإرث لا يزال فاعلا.ضمنت عولمة السوق الفني لهؤلاء الفنانين قدرا من الحرية في تناول قضاياهم الاجتماعية وبشكل أكثر تحررا وانفتاحا، بعد انفتاح السوق الصيني على سوق التجارة الحرة، متجاوزين تابوات السياسة الحزبية التقليدية. وبانفتاح أبواب السوق الفني الصيني الجديد على أوربا والعالم، لم يعد ممكنا السيطرة على طرق ومضامين رسوماتهم من قبل أجهزة الرقابة الحزبية الرسمية. لكن وعلى ما يبدو، فان أيسر الطرق لإيصال خطابهم الفني، هو من خلال تناولهم الوضع الاجتماعي بشكل ساخر. فالسخرية في الفن توفر مسالك مضمونة لتوصيل خطابها الاجتماعي النقدي.       التاريخ المعلن للواقعية الصينية الساخرة هو (1990). أشهر فنانيها (يو منجوين)، بوادر(يو). الاعتراضية برزت في عام (87) بعد مشاهدته لحادثة سياسية تعرضت لها نتاجات الفنانين الطليعيين.  لكنها اعتراضية من نوع آخر. لقد سخر الضحكة الساخرة من كل شيء قناعا يخفي خلفه اعتراضه على هذا (الكل شيء) متجاوزا موروث تراثه الاجتماعي الصيني العرفي الذي يحظر على الشخص إظهار مشاعره. شخوصه تضحك على نفسها وعلى الآخرين علانية.  سواء كانت هذه الشخوص جنرالا أو عاملا أو فلاحا. سواء في عملها أو لهوها. هي تسخر أيضا من الموجودات، الطير والحجر والشجرة، أو الرمز. تتسلق تمثال الحرية الأميركي (مثلا) بألعابها الاكروباتية وبسعة ضحكتها، أو لهوها ضحكا. انه العالم  حينما يتحول إلى ضحكة فقط. قناع يخفي علة ضحكته. إنها المزاج الشخصي، الذي هو على الضد من العقل الجمعي. وهنا مكمن سر الاعتراض، أو ما يفضحه.     في تاريخ الفن الصيني التقليدي وعلى امتداد أزمنة سلالاته المتعددة، كلما بدا العمل متقشفا ومختزلا في تفاصيله الأقرب الى الدلالة على عمق  جوهره. سواء كقصيدة شعرية، أو رسم. كلما عبر عن وعي ثقافي أكثر نقاء. هذه الظاهرة مو

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram