عباس الغالبيأقرت الموازنة العامة للدولة للعام الحالي 2012، في واحدة من حيثياتها ما نسبته 25% من الفائض المتوقع للواردات النفطية لتوزيعها على عموم الشعب العراقي.وهنا يقفز إلى الذهن ومن دون تردد سؤال مفاده ، أين هذا التوجه من مبدأ العدالة الاجتماعية الذي تتبناه الدولة بمختلف مؤسساتها (إن كانت هنالك مؤسسات) وتوجهاتها الحزبية والفكرية، حيث كانت العدالة الاجتماعية شعاراً رناناً قبيل الانتخابات ومنهجاً بعدها، خلال مسارات ومراحل الحكم الرشيد الحالي؟
لا شك وبحكم معطيات الواقع أن ذلك يعد خللاً في فلسفة الموازنة وتخبطاً في الفكر ايضاً، ذلك أن نسبة 25% من الفائض النفطي توزع على عموم الشعب العراقي بمختلف مستوياته المعيشية والوظيفية هو عين الخلل، وقمة التقاطع مع مبدأ العدالة الاجتماعية التي تغيب تماماً هنا وتتلاشى وفق هذا المنطق، فلا يمكن أن يتساوى ممن هم بمستوى خط الفقر ودونه مع أعضاء مجلس النواب والوزراء والوكلاء والمدراء العامين وأصحاب الدرجات الخاصة، وتؤخذ الأمور هكذا على عواهنها، فلا بد للحكومة وقبلها مجلس النواب الذي أقر هذه الفقرة في الموازنة أن ينظر بعين الاعتبار إلى هذه الجدلية ويعمل على إيجاد معايير تحدد الفقراء على وفق النسبة التي حددتها إستراتيجية الفقر، وتشكيل لجنة وزارية مشتركة بين وزارتي التخطيط والعمل والشؤون الاجتماعية تعمل بشكل تضامني مع صيغة اجتماعية وبمشاركة المجالس البلدية والوجهاء ومثابات المجتمع للوصول إلى آلية مقبولة لتحديد أسماء الفقراء ممن يستحقون نسبة الـ25% التي أقرتها الموازنة.كما لا بد من الإشارة إلى أن النصف الأول من العام الجاري شهد فائضاً اقترب من 25% نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، بحكم أسعار النفط السائدة في الأسواق العالمية والتي اقتربت في معظم حالاتها من 110 دولارات للبرميل الواحد وبسقف تصديري تجاوز حاجز المليوني برميل يومياً، وهذا الفائض غطى العجز التخطيطي الذي حددته موازنة عام 2012، والبالغ 13% وهيأ الظروف لإعداد موازنة تكميلية لهذا العام حددها مجلس الوزراء مؤخراً بواقع 10 مليارات دولار، كما تشير الدلائل إلى ان نهاية العام الحالي ستشهد فائضاً بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، حيث ستكون الموازنة أمام امتحان عسير لتوزيع نسبة الـ25% من الفائض المتوقع، ولكن لا بد من معايير تحديد الشرائح الفقيرة التي استهدفها الفائض المالي تحقيقاً لمبدأ العدالة الاجتماعية، في وقت تتعالى الدعوات لتنفيذ هذه الفقرة من موازنة عام 2012 ، ولكن السؤال الأهم، ما جدوى توزيعها على عموم الشعب العراقي في ظل عجز متوقع في تنفيذ المشاريع وما يتسبب جراء ذلك من تراجع لمستويات التنمية، حيث يتطلب ذلك محاسبة ومساءلة من قبل مجلس النواب لجميع الجهات التنفيذية في الوزارات أو الحكومات المحلية وإمكانية توزيع الفائض على الشعب.
اقتصاديات: نسبة الـ25% والعدالة الاجتماعية
نشر في: 14 يوليو, 2012: 07:28 م