إياد الصالحي كلما يقترب موعد انطلاق الدورة الاولمبية كل اربع سنوات تتصاعد لغة التمني والتفاؤل بامكانية حصد نتائج مشجعة على مستوى التنافس الفردي لبعض الالعاب بعد ان يضع مسؤولو الرياضة والإعلام ثقتهم الكبيرة ببعض الابطال ممن يظفرون بميداليات خجولة في بطولات العرب وآسيا التي تجري بأشهر عدة قبل انطلاق الاولمبياد متناسين ان مَن يترقب هكذا انجاز عليه ان يخطط بصورة منتظمة حال انتهاء الدورة الاولمبية ويجند كل طاقاته المادية والفكرية لتحقيق الهدف الصعب في الدورة.
صراحة ان رياضتنا اُصيبت بالخمول منذ فترة طويلة وتحديداً بعد تأهل منتخبنا الوطني الى مونديال المكسيك عام 1986 حيث سجلت قبل ذلك مشاركات ناجحة على جميع الصعد العربية والقارية وحتى الدولية وكانت لدينا قاعدة كبيرة من الموهوبين لاسيما في العاب القوى والطائرة والسلة والمصارعة نتفاخر بهم حتى زمننا هذا ، إلا ان كرة القدم اصبحت غطاءً لجميع الاتحادات منذ ذلك الانجاز العالمي بدليل اننا لم نرَ أي تقدم ملحوظ على مستوى الالعاب البقية التي جاء الحصار الظالم ليكتب نهايتها ويُشعر الرياضيين انفسهم بمرحلة يأس خطيرة استسلم على إثرها رؤساء الاتحادات ايضا إلا من اجتهد في فعالية هنا او هناك لم تشكل نجاحاً لافتاً للعبته.هذا المؤشر حصر اهتمام الرياضة العراقية بمنتخب كرة القدم من دون الالعاب الاخرى واصبح اقصى أماني المسؤول الرياضي هو كيفية تكرار انجاز المكسيك ( اللعنة التي لا تزال تطاردنا) ونسوا ان الرياضة لا تقتصر على الكرة الساحرة فحسب ، وتغيير مفهوم الدعم الحكومي والوزاري والاولمبي للرياضة ليقتصر بحدود مشاركة منتخب الاسود في المناسبات المهمة حتى غاب الحساب عن بقية الاتحادات التي وجدت الفرصة قائمة للمشاركة في اية دورة عربية او قارية من دون مساءلة او تحقيق في الاقل لتذهب ملايين الدنانير في معسكرات ترفيهية ومشاركات بائسة حصد فيها رياضيونا الخيبات والحسرات على أمل التعويض كل مرة!وجاءت دورة بكين 2008 لتؤكد صحة ما ذهبنا اليه اذ ان الانجاز الباهر في أمم آسيا 2007 أشر بداية غير طيبة لواقع عموم الالعاب التي سجلت مشاركة خجولة في الدورة العربية بالقاهرة وتلتها دورة الدوحة بعد اربعة اعوام من دون ان نعرف سرّ خمول العابنا بعد كل انجاز كروي لافت وكأنه هناك معادلة مبهمة تحول دون تأثرها بقيمة انجاز أهل الكرة وتحديهم الظروف لاعتلاء منصة التتويج ، وهكذا اقترب موعد اولمبياد لندن ونحن لا نتوقع أية مفاجأة على صعيد مشاركة الرياضيين الثمانية الذين نالوا بطاقات المشاركة مجاناً من دون عناء المنافسة المستحقة كل في لعبته!السؤال الذي يبرز قبل وبعد كل مشاركة اولمبية ما دور المؤسسات الساندة للجنة الاولمبية مثل الاكاديمية الاولمبية والمدارس الرياضية المنبثقة ضمن مشاريع وزارة الشباب إذا لم تجتمع مرة واحدة في السنة وتضع جميع المعوقات والمقترحات تحت مجهر المنافسة والتمحيص للخروج بتوصيات ناجعة تسهل صناعة بطل اولمبي واحد كل اربع سنوات وتحث الاتحادات الاخرى على بذل الجهد من اجل مشاركات مجدية تؤسس لمرحلة صناعة البطل بدلا من الإسراف في الاموال وايهام الاعلاميين بوعود كاذبة ؟!من المؤسف اننا اكثر الدول تفاخراً بوجود نخبة من الخبراء الاكاديميين في الرياضة سواء من الزمن الماضي أم الحاضر وكل منهم يجد نفسه وزيراً للرياضة ورئيساً للجنة الاولمبية ومناضلاً من اجل إرساء أُسس علمية للرياضة العراقية لكن عندما تحين ساعة الجد لبحث اخفاقات العابنا ورياضيينا تجده أول العازفين على (ناي التبرير) ولا يتورع من الدفاع عن مسؤولين فاشلين كلما لفحتهم نيران الانتخابات ليحمي مصالحه وليذهب ملف الاصلاح الرياضي الى أقرب سلة مهملات طالما أنه استشعر بضرر علاقاته مع المحيطين به!دورة لندن بلا شك وصمة عار على جبين مسؤولي الرياضة مهما حاولوا تبييض المشاركة وعدّوها انجازاًَ وتواجداً مهماً بين ابطال العالم، فالملايين التي خصصتها الحكومة للرياضة منذ عام 2003 حتى الان تعادل ما انفق عليها بدءاً من دورة روما عام 1960 التي أهدت لنا الميدالية اليتيمة لعبد الواحد عزيز التي انتظرنا خمسين عاماً لتكرارها لكن يبدو أننا سنبقى ننتظر أعواماً أُخر لأننا لم نحسن الظفر ببطاقة مشاركة تأهيلية فعلياً في ظل التراجع والإهمال والفساد الذي أمرض العابنا وأحالها الى الموت السريري!
مصارحة حرة :دورة لـــــنــــدن.. وصــــمــــة عـــــار!
نشر في: 14 يوليو, 2012: 08:27 م