علاء حسن العائلة دخلت في حالة إنذار واستنفار لفقدان الطفلة نور البالغة من العمر خمس سنوات قبقابها، وبعد عملية تفتيش دقيق ، شملت زوايا المنزل، وحديقته ، وسطحه ، فشل الباحثون في العثور على أي أثر لفردة القبقاب الذي حصلت علية الطفلة ، هدية من خالتها المقيمة في دولة خليجية، خيم الوجوم على الوجوه ،
ودعت الأم الأبناء والبنات لعقد اجتماع تداولي فوري عاجل لتدارك المشكلة ، لأن الطفلة نور ستصاب بأزمة نفسية لفقدانها فردة قبقابها ، فقرر المجتمعون الاستعانة بالجيران لمساعدتهم فتوسعت عملية البحث ، وبعد أقل من ساعة شارك معظم سكان الحي بحملة العثور على فردة القبقاب ، وأسفرت جهود المتبرعين عن جمع كميات كبيرة من الأحذية والنعل "العتيكة" بمختلف الأشكال والأحجام، وليس بينها فردة القبقاب المفقودة.نتيجة فشل الحملة طرح المشاركون في الحملة عدة مقترحات لمعالجة الأزمة ، ومنها التوجه لشراء قبقاب جديد ، أو إقناع الطفلة نور بنسيان قبقابها، لأن القضية لا تستحق بذل كل هذا الجهد والعناء ، رفضت الأسرة كل ما طرح من أفكار وتصورات ، وفضلت الاستعانة بجهودها الذاتية لتفادي تفاقم أزمة نور النفسية ، وأثناء احتدام النقاش وقبل الوصول إلى طريق مسدود ، ظهر بصيص ضوء في نهاية النفق من قبل معلمة متقاعدة ، سارعت إلى منزلها وجلبت طبعة قديمة من القراءة الخلدونية ، وأخذت تقرأ قبقاب دينا ، قبقاب نوري ، فأجهشت نور بالبكاء لاعتقادها بأن نوري سرق قبقابها ، ولم تنفع توضيحات المعلمة المتقاعدة بأن المسألة ، لا تتعلق بسرقة ، وإنما بتعليم التلاميذ إجادة لفظ وقراءة حرف القاف ضمن جمل قصيرة أما بالنسبة لنوري فلا وجود له على أرض الواقع ، كأي شخصية في الأفلام الكارتونية. بوصول رب الأسرة إلى منزله تفرق المجتمعون ، وبرزت مشكلة أخرى تتمثل بالتخلص من أكوام الأحذية القديمة ، فعالج الأب الموقف بوضعها في صندوق سيارته، واتجه مع نور إلى اقرب ساحة مخصصة لجمع النفايات فرمى الحمولة هناك ، ثم ذهب لشراء قبقاب جديد.المعلمة المتقاعدة زارت الأسرة مساء لتقوم بدورها التربوي في التخفيف من معاناة نور النفسية ، ووجدتها أنها في أحسن حال ، واستعادت حيويتها ونشاطها وعلى إيقاع قبقابها بدت على وجوه أفراد الأسرة ملامح الانشراح والسعادة ، ولكن المعلمة أشعلت الفتيل من جديد عندما أخذت تشرح وبالتفصيل الممل جملة "قبقاب نوري" وعالجت أم نور الموقف بمنع الجارة من ذكر أسماء تجدد أحزان ابنتها ، وقامت بإطفاء جهاز التلفزيون خشية أن تبث نشرات الأخبار أنباء تجدد انزعاج الأسرة من فقدان فردة القبقاب.المعلمة المتقاعدة شعرت بأنها أصبحت ثقيلة وقبل خروجها من المنزل اقترحت تقديم القراءة الخلدونية لنور ، ولكن الأم أحبطت المقترح بقولها :" شكرا عيوني البنية من تسمع بقبقاب دينا وفلان وعلان راح تبجي" بمعنى إعادة الأسرة إلى المربع الأول ، ولا أمل لها في أن تجد الضوء في نهاية النفق .
نص ردن: قبقاب نور
نشر في: 15 يوليو, 2012: 07:38 م