عدنان حسينكلّ الحق مع منظمة "هيومن رايتس ووتش" في اعتراضها على مشروع قانون "حماية المقدسات" المقدّم إلى برلمان إقليم كردستان، وفي حثها هذا البرلمان على الاعتراض على مشروع القانون وردّه إلى حكومة الإقليم التي اقترحته.
المنظمة الدولية المعنية بحقوق الإنسان انطلقت في موقفها من أن مشروع القانون يضع قيوداً تمسّ حرية التعبير المكفولة في دستور الإقليم وفي الدستور الاتحادي. ويطلب مشروع القانون الحكم بالسجن عشر سنوات وإغلاق وسائل النشر وفرض عقوبات مالية كبيرة عن أفعال "الإساءة إلى الأديان".وقالت المنظمة في بيان لها يوم الجمعة إن مشروع القانون الذي يُجرّم (( سب الذات الإلهية والتهكم عليها)) و ((سب وإهانة وتصوير الأنبياء بشكل غير لائق))، لا يحتوي على ((أي معايير للتفريق بين التعبير المسموح به والتعبير الذي فيه إساءة أو استهزاء أو اعتداء على الموضوعات الدينية)). إن كتابة قوانين بصياغات فضفاضة كالتي كتب بها مشروع القانون هذا يمكن أن يكون ذريعة ومرتكزاً للتعسف في حق الأفكار ولقمع حرية التعبير، فسيكون في وسع رجل شرطة جاهل أو رجل دين نصف أمي أو محام أو قاض متعصب أن يرمي الآخرين بالتهمة الجاهزة "الإساءة إلى المقدسات".من الواجب أن يصف القانون وصفاً دقيقاً لا يحتمل التأويل وأن يحدد تحديداً تاماً لا يحتمل اللبس الفعل المستهدف بالعقوبة منعاً لأي تعسف في تطبيق القانون، وهذه في الواقع مهمة صعبة للغاية، فإذا كان القرآن على سبيل المثال "حمّال أوجه" كما قال الإمام علي بن أبي طالب فكيف لا يكون القانون الذي يشرّعه برلمان إقليم كردستان أو البرلمان الاتحادي كذلك؟ثمة وجه آخر لهذه القضية، فمن يتعرض للأديان وسائر المقدسات بالإساءة والتحقير سفيه من دون أدنى شك. حتى غير المؤمنين لا يبيحون لأنفسهم ولا لغيرهم سبّ الأديان ورموزها والسخرية منها، فالدين عقيدة واللاتديّن عقيدة هو الآخر، وأصحاب العقائد الحقيقيون لا يقبلون بالطعن في العقائد لأن الأمر سيطالهم هم أيضاً. أصحاب العقائد يدركون انه لكي يتحقق لهم احترام عقائدهم لا بد أن يحترموا عقائد غيرهم.إن وضع قوانين لمعاقبة السفهاء، وهم أقلية ضئيلة، يمكن أن ينقلب إلى ضده، فيرفع من شأنهم ويجعلهم مشهورين بعدما كانوا مغمورين، وهناك أمثلة كثيرة.رسام الكاريكاتير الدنماركي كورت فيسترجارد على سبيل المثال، يُعتبر سفيهاً من وجهة نظر الكثيرين بسبب ما تضمنته رسومه من إساءة للدين الإسلامي والنبي محمد. لكن الضجّة التي أثيرت ضده في العالمين العربي والإسلامي رفعت من شأنه في بلده وبلدان أخرى كثيرة، حتى انه نال الجوائز وحاز على التكريم. ومن المؤكد انه من دون الفتوى والضجة ما كان سيُعرف بمثل هذا النطاق الواسع.ثمة أكثر من أسلوب ووسيلة لمعالجة السفاهة لدى الأفراد، عبر المدرسة والمجتمع ووسائل الإعلام. أما القوانين، كمشروع القانون المُقدّم إلى برلمان إقليم كردستان، فمن المرجح أن تكون لها آثار سلبية جانبية (تقييد حرية التعبير والاعتقاد) من دون أن تحقق هدفها. كما أنها تنزل بالمقدسات إلى مستوى متدن لا يليق بها.
شناشيل: مشروع قانون في برلمان الإقليم.. لا حاجة له
نشر في: 15 يوليو, 2012: 07:43 م