شعر: موفق محمد(إلى جاسم حسين الصكر)لا تُغمضْ عينيَّ ودعني أُكمل مرثيتَكَ يا جاسمُفمالكَ أرثي وتمحو؟ما جدوى أن ترثيَ؟والليل يطلقُ الرصاصَ على قمرهِ
الليل يطحنُ بالنجومِ وبالعبادالليل يقتسمُ البلادوالليل يبتكرُ السواد من السواد*******فاصلٌ ونعودُوطويلُ فاصلكَ أيها الموتُانه الدربونةُ التي لن يخرج منها احدٌانه يخطفُعاصفاً يخطفُفجهنمٌ تجريبيٌ هناوجهنمٌ تجريبيٌ هناكوالشفلاتُ ينخى بعضها البعضُوهي ترى السماءَ تشقُ زُرقتهالتغطي تلالَ الأجساد المحروقةِ في شوارعنافمن أي تنورٍ يفورُ في صدور اُمهاتناتخبزُ الفضائياتُ أخبارنالتمطر على المشاهدين دماً ولحماً؟أخي جاسمدعني اُكملْ فلقد حملتنا ما لا طاقةَ لنا بهفليس من السهل أن لا نرى المطر يبرقُ في جبينكَأن لا نرى العراق غافيا على غيومكَوأنت تمسّدُ نخيله وشطيهوتُقبّلُ جراحهُوتزرعها في راحتيكَوتسقيها من البياض الذي يفيض في يديكفيطير سربُ جراحٍ هنا وسربٌ هناكوتهمسُ رفقاً بالطيور فهي جراحنا التي تزقُّنا المحبةًلتغسل الحقد المحدودبَ في قلوبنادعني أُكملْ يا جاسمُولا تمحُ سطراًيا جاسمُ صبراأوَ لم ترَ الغيومَ تلوّن صدر الحمام دماً وتنوح عليكأوَ تسمع هديلها المثقلَ بالدموع؟فليس من السهل أن لا نرى ابتسامتكَ في هذا الليل البهيمسبعون عاماً طول هذا الليليا ليلُويا عمر اهياليلُويا ويلاه(امصنكر علينه الليلبكل روح اله نابولابدَّ مايلكاكلازملك الباب)فما الذي يبكيك في هذا الصمت الذي يعض القلب؟وما الذي يبكيك في هذا الغروب الذي يطحن الجنودَ في الربايا؟الجنود الذين يفترشون مقبرة السلام بانتظار قبورهمفمن يبني لهم قبراً واحداً يصل الى عنان السماء التي تنثُ دماً من عيونهم؟المقبرةُ تغلقُ أبوابهاوالقادمون يطرقون باب الليليا ليلُوما من أحدٍ يفتحُما من أحدٍ يفتحُفتهتزُ القبورُ مذعورةً من أنينهمفنمْ يا جاسم نَمْنمْ أيها (الحبيّبُ)أفلا يسكتُ هذا القلب الطيبُ؟لا يسكتُفنَم يا جاسمُ نمْفما الذي تستطيع أن تفعله من أجلهم؟وأنتَ تعلم بأننا عراقيونولا موت يشبه موتناإنه يأتينا هكذا(إمكسب وحار ورخيص)فكل مائة عراقي بعبوةٍ لاصقةولا فرق بيننا وبين القادة الفرقاءسوى فارقٍ بسيطٍ جداًفهم يرفلون بنعيم العراقونحن نصلى بجحيمهفيا أبتي عزروكم مَلَكاً يعملُ رهنَ إشارتك؟فلا ميتةٌ تشبه الأخرىأيها الموتُ أنا في طريقك الآنجالباً معي كل اوراقي الثبوتيةِوكل ما تحبُصبْيَتي حسبَ تسلسل أعمارهمزوجتي التي أثكلتهاولا نطلبَ منك سوى ميتةٍ مستورةٍ ملمومةٍلا تتعبُ أحداً بعدنا..*******ارفعْ يديكَ ودعتي اُكملفليس من السهل ان تكون الحلةُ خاليةً منكفأنت فتاها ونهرهاوقد هيأتَ لها مهرها الأرنَّلتصهل في وجوه سارقيهاوقاطعي طرقهاوذابحي نخلهافالحلةُ بعدكَ فاختةٌ تنوح بآلاف البلابل المذبوحةِ في أشجارهاونهرٌ يُلوّحُ بالشموع التي توقدها فيهللصبايا وهن في طريقهن الى المدرسةِولأمهاتنا ساعة الطلق وأنت في طريقك الى مقام النبي أيوبفبمن نلوذ بعدك يا جاسمُولا طين ولا ماء إلا في نهركَ الذي أخذه الموت بعيداًكانت أمواجك تضيءُ مقبرة السلاموتطفي ظمأها(كلي شبقه من مات جاسم؟ظلمه وتوابيت وحواسم)*******يا جاسمُ كنا نقرأ نشرة المطر في راحتيكوأنت أعلمُ بالبرق الخُلبوقد حذرتنا من الغيوم السوداء التي فتحت علينا أبواب جهنمفضِعنا بالشتاتلم تُخطئ عينُك يا جاسمُلم تُخطئ عين الصقر الذي رأى كل شيءفلم تُغنِ بذكره البلادُ التي خبّأها في عينيهواحترق من أجلهافيا جاسمُ فإنك لو ضعتَ بين آلاف الموتىفسأعرفك من الناي الذي يتوهج في شفتيكويُطوّحُ بآلامنافتفزُ القبور ندماًيا جاسمُ إن موعدنا الخميسُأليس الخميس بقريبٍ؟وجئتنا والموت أقرب إلينا من حبل الوريدفكيف لملمتَ ما يسّاقطُ من نفسكَ وأتيتَ؟وأي ألمٍ يعتصرُكَ وأنت تقف على جسدٍ غير جسدكلقد جئتنا لتكسر هيبة الموت فينا أيها المعلمُكنتُ أرى خيطاً من المطر والقمر يأتلقان في جبينكفينمو العشب في قدميك اللتين يدبُّ الموتُ فيهماكنت أسمعه وأبكيوالأمواج تتطايرُ هلعاًأوَ ما رأيتَ الفراتَ ساعتها يقفُ على رؤوس أصابعهِليراك نوراً تأكله الظلمةُ في صبحٍ عسعسَ في أرواحنافيموتُ بعينيكَكنا نلوذ بكَوالرعبُ يقذف قلوبناكنا نراك بعيونٍ يتخثر فيها الموتفتخجلُ من خوفنا وتُغادرُلا ندري أين تُغادرُأين تغادرُ؟فمن يجمع الشظايا التي تتطاير من روحكَالمحترقةِ شوقاً لعراقٍ لا يُشمّرُ فتيانه في الارض الحرام أو المنافيولا يطشّرُ أطفاله في الإشارات الضوئيةوأرامله في مهب الخرافةِولا أحدٌ يرى من القادمين الذين يخافون الله كثيراًلدرجةِ أنهم أحالوه على التقاعدوبدأوا يحكمون بدلاً منهوأين أنت الآن يا جاسمُ؟فالمطر مسَّ أرض الحديقةِ فاهتزت ورَبَتْوالأغصان تتهجى اسمك على عشب الحديقةِ بتبّاعةٍ من ورد الرازقيالأشجار بانتظاركولأنك لم تأتِ فقد نفضتْ اوراقها وثمارهاونكّستْ أغصانهاأوَ تسمعُ نواحها وهي تلطم صدرها غارقةً بالسوادوتولولُ(امزنجر كمرنهونجماته مو نجماتامزنجر كمرنهوطوّل صبحنهماظن يهده الحوتطول صبحنه)..*******أيها المُثكِلُالى أين تنوي بنا؟الى أين
لم يعد الموت واحداً
نشر في: 15 يوليو, 2012: 07:59 م