TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث: بين سندان الحكومة ومطرقة المعارضة

في الحدث: بين سندان الحكومة ومطرقة المعارضة

نشر في: 15 يوليو, 2012: 08:39 م

 حازم مبيضينبعد أكثر من سنة على اندلاع الحراك الشعبي، المعارض لسياسات الحكومات الأردنية، والذي تعاملت السلطات معه باعتباره حقاً للمواطنين، اكتسبوه نتيجة الممارسات الخاطئة، للحكومات المتعاقبة بسرعة الضوء منذ عقد من الزمن، وهو يكاد يأخذنا إلى موسوعة جينيس.اليوم يجد المواطن الأردني نفسه بين سندان الحكومة،
التي فبركت قانوناً انتخابياً، يحفظ للصوت الواحد مكانته في صدر العملية السياسية، وبصم مجلس الأمة بغرفتيه " المنتخبة " والمعينة على بنود ذلك القانون قبل أن يعيده الملك إليهم جميعاً لتعديله بما يتناسب مع المطالب الشعبية، وبما يعطي لعملية الإصلاح المنشودة جوهرها الحقيقي، وهي تتخذ إجراءات اقتصادية قاسية أحجمت عن اتخاذها عدة حكومات عبرت الدوار الرابع ولم تستقر فيه.اليوم أيضاً يجد المواطن نفسه تحت مطرقة المعارضة، التي سمح تشرذمها لجماعة الإخوان المسلمين بتصدر المشهد، ومحاولة فرض رؤيتها الخاصة بعملية الإصلاح، على الحكومة وحلفائها في آن معاً، وهي تعتمد في ذلك خطاباً يتمسح بالدين، ويلقى هوىً في النفوس، وخطاباً سياسياً مختلفاً، هدفه الأول والأخير، حفر كافة القنوات التي تسيل نتائج الحراك إلى مقراتهم.طرفا الصراع، إن جازت التسمية، يحاولان حشد التأييد الشعبي لرؤية كل منهما، الحكومة تعتمد على مقولة نعمة الأمن والأمان، وهي مقولة غدت بائسة، بعد تفلت العنف بصور مختلفة، أخطرها ما يجري في الجامعات الرسمية، وردود الفعل المستهجنة من قبيل قطع الطرق الدولية احتجاجاً على تقصير الحكومة في تقديم بعض الخدمات، بينما تقف الحكومة مقيدة اليدين، أو غير عابئة، أو أنها تمهد لمرحلة قمع ستكون مطلباً جماهيرياً، لاستعادة " نعمة الأمن والأمان " التي فلقونا فيها، وهي نعمة تبتر الحكومات منها مقدرة المواطن الاقتصادية وقدرته على توفير العيش الكريم لنفسه ولأسرته.المعارضة من جانبها، مستقوية بما يجري في الفضاء الإقليمي، تصعد بوتائر متسارعة من مطالبها، وتهدد بمقاطعة أي خطوات تتقدم بها الحكومة، على أنها خطوات في طريق الإصلاح، من قبيل مقاطعة الانتخابات النيابية، أو إجراء تعديلات جديدة على الدستور، تحد من صلاحيات الملك، وهي تعتمد مسيرات تتعمد خروجها بعد صلاة الجمعة، وبحيث تتبين كثرة المشاركين، بينما معظمهم أدى الصلاة ويعتزم العودة إلى بيته، للتمتع بعطلته الأسبوعية.بين الحكومة والمعارضة، ثمة فئة من السياسيين الذين شغلوا مواقع في الدولة، يتمترسون هنا أو هناك، والحقيقة أن المواطن يحار في فهم دوافع بعضهم، خصوصاً الذين مارسوا قمع أي فكر سياسي، يتعارض قليلاً مع توجهات السلطة، أيام كانوا يمتلكون ناصية القرار، وهناك من يتطلع لأدوار جديدة، غير أن هناك من نأى بنفسه عن كل ما يجري، بسبب ضبابية الصورة، والتبدل السريع في الأدوار، وبانتظار أن تنجلي الأمور فيتبين الخيط الأبيض من الأسود من الفجر.ثمة في المشهد حراكيون يتوهمون تمثيلهم لمطالب المواطنين، أو يحاولون، وهو الأصح إيهامنا بذلك، ولهؤلاء في واقع الأمر صوت مرتفع، لا يتناسب مع سعة حناجرهم، ومطالب لا تتناسب مع حجم مؤيديهم، ويرفع هؤلاء شعارات، تراوح بين ضرورات بناء الدولة الديمقراطية بمفاهيم يسارية، وضرورة تحديد مواصفة الهوية الوطنية، وبمعنى حذف المكون الفلسطيني الأصل من المعادلة.بين كل هؤلاء يقف المواطن الأردني، مطحونا بغلاء الأسعار الفاحش والمتصاعد، ونقص الخدمات الناجم عن تقاعس الحكومات، إن لم نقل عجزها، وهو يعاني بطالة قاسية، بسبب تغول العمالة الوافدة وثقافة العيب المخجلة، والواقع أنه كلما تأخر الوصول إلى حل جذري للأزمات، كلما بات حلها أصعب.كل هذا الحديث ونحن لم نتحدث عن التأثيرات الخارجية على ما يجري، وهي تأثيرات تمتد في مروحة عريضة، من إيران إلى سوريا والعراق ومصر، لكن بؤرتها الثابتة والملتهبة تظل في فلسطين، وربما يحتاج هذا الموضوع إلى حديث آخر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram