TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عالم آخر:ايران تمنع ظهور الدجاج في التلفزيون

عالم آخر:ايران تمنع ظهور الدجاج في التلفزيون

نشر في: 15 يوليو, 2012: 09:00 م

 سرمد الطائي قائد الشرطة الايرانية اسماعيل احمدي مقدم انتقد محطات التلفزة في بلاده بشدة قبل يومين، لا لانها تنقل مواقف المعارضة المقموعة لا سمح الله، فكل تلفزيونات ايران حكومية تحت  اشراف مكتب المرشد، لكن السيد اسماعيل كان حزينا لان البرامج التلفزيونية في بلاده تقوم ببث مشاهد لاشخاص يقومون بأكل الدجاج خلال وجبة طعام!
حين سمعت عنوان الخبر في راديو فردا الناطق بالفارسية، تصورت ان الجنرال اسماعيل شخص نباتي يعارض اكل الحيوانات وعرض صور تناول الدجاج في التلفزيون، لكن بمجرد ان تابعت الموضوع اكتشفت ان الدواعي تتعلق بالامن الاقتصادي الذي يثير قلق قائد الشرطة الايرانية.يقول الجنرال الذي اعتقد انه يحاول التوقف عن اكل الدجاج تضامنا مع الفقراء "التلفزيون يعرض مشاهد تناول الدجاج خلال المسلسلات والافلام، بينما الكثير من المشاهدين الايرانيين لا يستطيعون اليوم شراء دجاجة. انني اسمع بعض الفقراء يتوعدون بحمل السيوف وانتزاع حقوقهم بالقوة، من الاثرياء".ان سعر الدجاجة الواحدة حسب التقارير الرسمية ارتفع من خمسة دولارات الى ثمانية في العاصمة طهران، ووسط ازمة اقتصادية عنيفة تتعرض لها ايران على خلفية برنامجها النووي والعقوبات الدولية، حاولت الحكومة ان تسيطر على ازمة الدجاج هذه، لكنها تفشل كما يبدو، الى حد ان قائد الشرطة يناشد التلفزيون منع الدجاج من الظهور على الشاشة مراعاة لمشاعر الفقراء.الحكومة تحاول اجبار القطاع الخاص على خفض الاسعار، عبر فتح منافذ حكومية تبيع هذا الطير المسكين، بالسعر القديم، والنتيجة ان وكالة مهر الرسمية للانباء، تنقل ان مئات المواطنين يقفون في طوابير طويلة امام هذه المتاجر، وينتظرون ساعات دون ان يحصلوا على دجاجتهم الحكومية.ويحتاج سكان طهران 1200 طن من الدجاج يوميا، بينما لا تنتج هذه المدينة سوى 250 طن، وهي تسد حاجاتها من المدن الاخرى، لكن المدن الاخرى هذه صارت تصدر الدجاج الى خارج البلاد لسد العجز في العملة الصعبة بسبب العقوبات الدولية، ما ادى الى ظهور ازمة شديدة تتزامن مع دخول شهر رمضان الذي يتزايد خلاله الطلب على اللحوم.الاصدقاء الذين قرأت لهم الخبر ابدوا اهتماما كبيرا لا لانهم مهتمون بالشأن الايراني، بل لانهم شعروا بالخوف من ان يقوم التجار العراقيون بتصدير دجاجنا الى طهران، لا بقصد دعمها طبعا بل لدواعي تجارية صرفة تعود بالفائدة على اقتصاد البلد، حتى لو ادى ذلك الى شح هذه اللحوم في اسواقنا خلال الشهر الفضيل.اتأمل هذا الموضوع واتذكر اننا كشعب جربنا مثل هذه الايام خلال كل الحروب. وحين كنت طفلا جربت ان اقف في طابور طويل للحصول على "طبقة بيض" او "دجاجة" اما في ايام الحصار فلم يكن هناك طابور اساسا. وحين رحل صدام اكتشفنا ان اسهل شيء في العالم هو الحصول على الدجاج الرخيص ثمنا، سواء كان من ماركة الكفيل او المراد، او ساديا، لكن ساسة ايران لا يريدون اكتشاف ذلك.الدجاج الايراني في "موقف حرج"، فهو مطالب بأن يتضامن مع المشروع النووي الايراني ويضحي بنفسه على موائد الدول المجاورة كي يحصل قادته على العملة الصعبة. والدجاج هذا مطالب بأن يسد حاجة اهالي العاصمة، وبدل ان يجري تكريمه وعرضه في نشرات الاخبار الى جوار صور الابطال والجنرالات، فهو مطالب اليوم بعدم الظهور على شاشة التلفزيون رغم انف تضحياته الثورية غير المنقطعة.اشعر بأسف كبير كلما تناقلت وسائل الاعلام تطورات جديدة تبين كيف ينسحق الشعب الايراني العالق بين فكي كماشة، بين العقوبات الدولية وسياسات حكومته التي لا تنتهي مطامحها عند مشروع نووي او توسع سياسي، بينما تعجز عن توفير الف طن من الدجاج لسكان طهران.الى اي منحدر سحيق تأخذ النخبة الثورية، شعب ايران الاكثر تحضرا في الشرق الاوسط؟ اي محن وويلات ينبغي لهذا الشعب ان يجرب بعد كل ما حصل له خلال العقود الاربعة الماضية؟ أي مستقبل ينتظر المنطقة اذا كان "الجنرالات النباتيون" يعتقدون أن منع الدجاج من الظهور في تلفزيون ايران سيحل ازمات البلاد؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram