TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :نعيم الشطري

سلاما ياعراق :نعيم الشطري

نشر في: 16 يوليو, 2012: 06:53 م

 هاشم العقابي عندما كتبت عن "حمد"، قبل أيام، خطر ببالي أن أواصل الكتابة عن أسماء عراقية أخرى تعرفت عليها عن قرب. أعددت قائمة بمجموعة منها لأكتب عنها مستقبلا.  كان اسم الكتبي الصديق  نعيم الشطري ثاني اسم فيها. ولأني اعتدت أن أطالع الأخبار قبل أن ابلّش بكتابة العمود، طالعتها واضعا يدي على قلبي كالمعتاد. أضعها خوفا من  أن أجد خبرا عراقيا مفجعا يكدر يومي. وما أكثر المكدرات مقابل شحة المفرحات.
يا كتر بالدلال خالي من العيوبوبيا مجــان يصيـــر جرح اليجي النوببهذا البيت من الدارمي صرخت حين واجهني عنوان خبر يحمل نبأ وفاة نعيم، لكن شيئا ما جعلني انتفض على حزني بسرعة. لم أكن هكذا عندما يلم بي الحزن. لعل السبب هو أني شبعت حزنا على نعيم قبل أن يموت. وربما، لأني شاركته البكاء المر عندما كان ينحب كالمجنون وهو يشاهد شارع المتنبي يتفجر. وقد يكون السبب هو أني توجعت مثلما كان يتوجع وهو يناشد الحكومة أن تحميه من هجمة المرض وذل العيش وهو عزيز النفس كما يعرفه كل من عاشره. كلا لن ابكي نعيم ولن ارثيه بقصيدة لأني اعرف:: "لو حچي القصايد ينده الميتين لمتدن قصيدة وچنت اكـلك كـوم"، كما قال عريان. لذا ساحدثكم عن نعيم.تعرفت على نعيم الشطري في مطلع السبعينات من خلال الشاعر زامل سعيد فتاح. أكثر ما قربني إليه هو حبه للشعر الشعبي وحفظه للدارميات. كان سريع البديهة واسع الثقافة منشغلاً في القراءة أكثر أوقاته. وكان دائما ينصح الشعراء الشعبيين الذين يلتقيهم بالقراءة: "اقروا.. تره الموهبة من غير قراءة تموت".كان همه الأول أن يجعل الكتاب شعبيا، لذا كان هو أول من جعل الكتاب يباع بـالـ "بسطية" على الرصيف وفي العربات اليدوية. كان صوته مدويا قرب سينما الخيام في الباب الشرقي: "اختار أي كتاب بدرهم.. أو من هذا بمية". من عنده اشتريت كل سلسلة المسرح العالمي ولم تكلفني كثيرا.وحين انتقل لشارع المتنبي مستأجرا غرفة صغيرة كمكتبة. صارت مكتبته صالونا ثقافيا يرتاده أشهر المثقفين من بينهم الدكتور علي الوردي، الذي التقيته للمرة الأولى والأخيرة عند نعيم.  في ذلك اللقاء سمعت الوردي يستشيره في أمور نشر كتاب له وكان يصغي لنعيم باهتمام. وكان على علاقة حميمة وطيبة مع الجواهري. وحينما كنت خارج العراق سمعت بأنه حقق حلمه بفتح مزاد لبيع الكتب بشارع المتنبي كي يسهل عملية نشر الكتاب بين الناس. عندما زرت العراق، بعد غياب طال أكثر من عشرين عاما، كان أول من زرته من بين كل أصدقائي هو نعيم. ولوقت قريب كنت استعين به عن طريق الهاتف لينصحني بالمصادر التي احتاجها لكتاب أسعى لنشره قريبا. كان يركض كالطفل يحضرها ويوفر طريقة لإيصالها لي وأنا بالخارج. ولما اشتد به المرض أحالني لولده ربيع الذي يحمل الكثير من صفات والده.وان كنت قد خففت حزني على فقدانك يا نعيم بفرحي بما تركته وراءك من نعيم للناس والثقافة، لكني لا أغفر لحكومة شكوت لها فقرك ومرضك فلم تستجب لك ولا لنا حين انتخبناها من أجلك. إنها حكومة لا تقرأ يا نعيم، ومن لا يقرأ لا يعرف من أنت."خلهم.. خلهم.. هيته وما مش رداد الهم".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram