TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > السياسة والاقتصاد.. من يقود من؟

السياسة والاقتصاد.. من يقود من؟

نشر في: 17 يوليو, 2012: 07:56 م

سليمة قاسمتعاني العديد من الدول النامية، ومنها العربية على وجه الخصوص، من تذبذب اقتصادها الوطني وعدم استقراره، وبلوغه مرحلة الانهيار أحيانا. ولعل أهم الأسباب التي تقف وراء ذلك، هو طبيعة الأنظمة الحاكمة فيها التي تتبنى نهجا سياسيا يجعل من الاقتصاد تابعا له، يتحكم فيه ويكون أساسا في توجهاته.
 عكس الدول المتقدمة التي تضع اقتصادها في المقدمة وتعطيه الأولوية في تشكيل سياساتها الخارجية والداخلية على حد سواء، حسب المبدأ الذي يقول" السياسة عربة يجرها الاقتصاد".فالاقتصاد يؤثر في عملية صنع القرار السياسي، كما أن الكثير من الأفكار والنظريات الفلسفية تحمل في طياتها السياسة والاقتصاد معا، لوجود علاقة تفاعلية متبادلة بينهما، فالماركسية مثلا كانت مجموعة نظريات اقتصادية في الأساس لكنها تحولت الى سياسة تبنتها الكثير من الدول وفي فترات مختلفة من التاريخ. وقد فشلت الجامعة العربية منذ تشكيلها عام 1945، في إقامة تكامل اقتصادي بين الدول المنضوية تحت لوائها رغم وجود عوامل جغرافية وتاريخية وسياسية تشجع مثل هذا التكامل. وقد جرت محاولات عدة اتخذت صيغا مختلفة لبناء منظومة من التعاون الاقتصادي تمثلت في عقد الاتفاقيات والمعاهدات المختلفة، إلا أنها ظلت حبرا على ورق، وظهرت بدلا منها تنظيمات إقليمية منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي مثل مجلس التعاون الخليجي الذي ضم دول الخليج العربي، ومجلس التعاون العربي الذي ضم دول المشرق العربي، وأخيراً اتحاد المغرب العربي الذي ضم الدول العربية في قارة إفريقيا.إن فشل الجامعة العربية في إقامة تكامل اقتصادي يعكسه غياب الإرادة السياسية لدى معظم أنظمتها الحاكمة. رغم امتلاكها كل المقومات المطلوبة من ثروات هائلة وموارد طبيعية وأيدٍ عاملة وطرق نقل وأسواق .وعلى الرغم من أن القمة العربية الأخيرة التي عقدت في بغداد، افتتحت أعمالها بعقد اجتماع وزراء المال والاقتصاد العرب، الا انه لم يتم تفعيل أي من القرارات التي تم اتخاذها مثل توحيد الأنظمة التجارية وفتح الأسواق الحرة وتحرير الصادرات من الرسوم  الجمركية، وتفعيل الاستثمارات العربية، من اجل تحقيق تكامل اقتصادي، تحتاجه الدول العربية وبشدة، مع استمرار تناقص موارد البيئة والحاجة المستمرة إليها لإشباع الحاجات الأساسية لمواطنيها. لكن دول القارة الأوربية استطاعت تحقيق مثل هذا التكامل، بتأسيسها الاتحاد الأوربي كبديل عن السوق الأوربية المشتركة لامتلاكها نفس العوامل التي تمتلكها الدول العربية ، فالعامل الجغرافي يتمثل في وقوعها في قارة واحدة، تنتهج حكوماتها نظاما اقتصادا رأسماليا، وهو اليوم يمثل أول قوة تجارية في العالم من حيث حجم المبادلات التجارية في العالم، وثاني قوة صناعية وفلاحية في العالم، وتم إصدار عملة جديدة هي اليورو منذ عام  2002 لتجاوز سلبيات وآثار اختلاف قيمة العملة بين الدول الأوربية. تكمن أهمية  الاقتصاد في قدرة الدول المتقدمة اقتصاديا على فرض تطبيق  السياسات التي تتبناها على دول الجوار ومحيطها الإقليمي، ودليل على ذلك الولايات المتحدة، التي تمارس نفوذا سياسيا وعسكريا متناميا  في معظم دول العالم تقريبا، بفضل اقتصادها الوطني. فهي من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وتستضيف مدينة نيويورك مقر الأمم المتحدة، فضلا عن كونها عضوا في مجموعة الثماني ومجموعة العشرين الصناعية، وهي من مؤسسي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتعد من اكبر الدول المانحة، التي تقدم مساعدات سخية لعدد كبير من دول العالم، وهي تحتفظ بمراكز قيادات إقليمية وقواعد عسكرية في معظم دول العالم، وتتراوح درجة نفوذها وفقا للأدوار التي تلعبها، مثل دور الوساطة في الشرق الأوسط وآسيا، أو دور قيادي  في الحرب على الإرهاب بفضل شراكة قوية مع الحلفاء ولعب دور اكبر في صنع القرار العالمي، لاسيما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في تسعينيات القرن الماضي.وعلى غرار الولايات المتحدة فقد استغلت بعض الأنظمة العربية قوة اقتصادها للتدخل في شؤون  دول المنطقة، مثل قطر التي حققت نموا اقتصاديا كبيرا خلال الربع الثاني من القرن الماضي، بفضل الاستثمارات الهائلة التي تضعها الحكومة على اجندتها خلال السنوات الأخيرة واستغلال ثروات البلاد بتطوير مشروعات البنية التحتية في البلد وتعزيز نهضة شاملة في البلاد، هذا التفوق الاقتصادي أتاح لها أن تلعب دور اللاعب الأقوى في محيطها الإقليمي، عن طريق صرف أموال طائلة للحصول على ولاءات سياسية، فتكرر ذكر اسمها على مستوى الأحداث الجارية في سوريا ومجلس الأمن وأثناء الثورة الليبية ومواجهات حلف الناتو مع قوات معمر القذافي.أما في العراق فقد تم إخضاع المؤسسات الاقتصادية إلى المنظومة السياسية فيه، التي تعاني من أزمات متلاحقة، أسهمت بمجموعها في اعاقة دوران عجلة الاقتصاد، وتسببت  في تعطيل تشريع الكثير من القوانين المهمة، مثل قانون النفط والغاز وقانون حماية المستهلك، وتأجيل تطبيق قوانين أخرى تم تشريعها، مثل قانون التعرفة الكمركية، وما نتج عن ذلك في خلق حالة من الفوضى والارتباك وعدم الاستقرار في السوق المحلية. دون أن ننسى التأثيرات

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram