TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث: موقف أردني جديد من الأزمة السورية

في الحدث: موقف أردني جديد من الأزمة السورية

نشر في: 17 يوليو, 2012: 08:19 م

 حازم مبيضينأطلق فايز الطراونه رئيس الوزراء الأردني تصريحات حيال الأزمة السورية واختار لإطلاقها منصة أوروبية, إذ صدرت خلال زيارته للجمهورية التشيكية, وأبرز ما فيها أن الحوار لم يعد حلاً في سوريا وأن على مجلس الأمن أن يتدخل، وأن روسيا والصين تعرقلان الحل، وتؤشر التصريحات إلى تغير جذري في مواقف الأردن تجاه ما يجري عند حدوده الشمالية,
 وإذا كان الموقف الجديد تأخر أكثر من سنة ونصف السنة, فإن توقيته المتزامن مع هدير المدرعات في دمشق, يوحي بأن عمان باتت على ثقة بانتهاء صلاحية نظام بشار الأسد, وأن على الدولة الأردنية البحث عن أفضل السبل للحفاظ على مصالحها, في سوريا ما بعد البعث والأسد. رأى البعض أن لموقف الطراونه بعداً داخلياً, يتعلق بموقف الإخوان المسلمين الأردنيين, الرافضين لقانون الانتخابات الذي تتبناه الحكومة, وأن نصرة عمان لإخوان سوريا, باعتبارهم الفصيل الأكبر في المعارضة هناك, سيؤثر على حجم معارضة القانون الذي يثير جدلاً واسعاً, تمتد آثاره إلى سياسيين كبار مازالوا في موقع المسؤولية, وفي ذلك محاولة لتقزيم الموقف الجديد, المبني دون شك على قراءة واعية لما يجري على الأرض في سورية, وللمواقف العربية والغربية, التي نحت مؤخراً صوب قرار إسقاط النظام السوري بالقوة, وإن لم يكن ذلك بتدخل عسكري مباشر, على غرار ما جرى في ليبيا, وإنما بتقديم كل أشكال الدعم المادي لمناوئي الاسد, وحيث بدا أثر ذلك واضحاً من حجم نشاطهم الأخير, والذي بات صداه مسموعاً على بعد أمتار من القصر الجمهوري.لا يمكن فهم مواقف الدول بناء على القراءة العاطفية, أو قصر تفسيراتها على جانب واحد, فالأزمة الاقتصادية التي تعصف بالاردن, واعتماده على الدعم الخليجي لتجاوزها يستدعي دفع الثمن, ولسنا هنا بصدد الحديث عن بيع عمان لموقفها, بقدر ما نقرأ تظهيراً لموقف تأجل إعلانه إلى حين نضجت الظروف, فالمعروف أنه لم يكن بمقدور الاردن المغامرة بإعلان موقف سلبي من النظام السوري, دون أن يتبين وجهة الامور, خصوصاً وأن مروحة هائلة من المصالح تربطه بسوريا, سواء حكمها الأسد أو سواه, وهي مصالح لاتحتمل المغامرة, ولا التنجيم بالرمل, وتحتاج إلى وضوح شديد في المشهد, ليكون ممكناً الحفاظ عليها وتعظيمها. الموقف الأردني الجديد ينسجم مع السياسة العامة للدولة, فالمملكة الهاشمية ترتبط عضويا بالسياسات الخليجية, المعبرة عن السياسات الغربية, وهي التي ينبغي التذكير بأنها أطلقت تعبير الهلال الشيعي بمعناه السياسي, تعبيراً عن رفضها للتحالف بين دمشق وطهران على أسس مذهبية, وحتى لو اقتصر هذا الفهم على إيران وحدها, خصوصاً مع التمدد الإيراني بصورته المذهبية الفاقعة في لبنان, وعلى يد حزب الله, ومع السيطرة الشيعية على مفاصل الحكم في عراق ما بعد صدام حسين, وما تبع ذلك من تحركات في البحرين, رأت فيها الحكومة الإيرانية مبرراً لاعادة إطلاق دعواتها, حول عائدية تلك المملكة الخليجية للجمهورية الإسلامية, وعلى أسس مذهبية خالصة, وما نسمعه عن حراك في المناطق الشرقية من السعودية, ذات الغالبية الشيعية.    من المهم جداً وعي أن الأردن لايرى له مصلحة في إشاعة الفوضى والعنف عند حدوده الشمالية ولا في تقسيم سوريا، وهو بالتأكيد لايرغب في رؤية نظام أصولي يتربع على سدة الحكم في عاصمة الأمويين, رغم عدم رضاه عن نظامي الأسد الأب والابن, غير أنه لايستطيع دفن رأسه في الرمل وهو يرى أن العالم بدأ التخطيط لمرحلة ما بعد الأسد, وهو اليوم يدرك أن لامصلحة له في الاصطفاف مع المعسكر الخاسر, وأن مصلحته تقتضي عدم البقاء بعيداً عن الترتيبات الجديدة لسوريا, وهي على ما يبدو أخذت بالتبلور كحقائق على الأرض ولا يمكن لعاقل تجاهلها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram