TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نص ردن:ولاية وبعير

نص ردن:ولاية وبعير

نشر في: 17 يوليو, 2012: 08:39 م

 علاء حسن للكاتب السوري الراحل سعد الله ونوس مسرحية بعنوان "الفيل يا ملك الزمان" تتناول أحداثها معاناة الرعية من فيل صاحب الجلالة، وفي يوم قرروا أن يرسلوا وفدا إلى البلاط لطرح مشكلتهم أمام الملك، ليتخذ قرارا يخلصهم من ممارسات فيله المدلل، لأنه دمر ممتلكاتهم، وأصبح في المدينة مصدرا خطرا يهدد أرواح الأطفال والنساء.
خارج البلاط اتفقت الرعية على طرح مطالبها بقوة، وهناك من تبرع بتأجيج الحماسة بترديد شعارات ضد صاحب الحلالة وكلفوا احدهم بان يكون ممثلا لهم في طرح مطالبهم بقتل الفيل او ترحيله، توجه الوفد الى القصر المالكي وفي داخل البلاط، وأمام صاحب الجلالة التزم الجميع الصمت، لشعورهم بان الحديث في هذا الامر قد يعرضهم لعقوبات وخيمة، وعندما ادرك المكلف بتمثيلهم بان الرعية تخشى خوض المواجهة والمنازلة التاريخية، خاطب الملك قائلا :" مولاي صاحب الجلالة رعيتك تشعر بالحزن الشديد لان فيلك الوحيد يعيش وحيدا، ونناشد جلالتكم بان تجلب له انثاه لإنجاب المزيد من الفيلة، وسنكون سعداء ومسرورين جدا بان يكون في المملكة أكثر من فيل، ونحن على استعداد للتضحية بالأرواح والممتلكات من اجل تحقيق سعادته". فيل الملك تعامل معه المسرحي العراقي الراحل قاسم محمد كبعير، وفي عقد السبعينات عرض مسرحيته "ولاية وبعير" على مسرح بغداد، من دون ان يلتفت وقتذاك الرقيب الرسمي لخطابها وما يحمل من إشارات من شأنها ازعاج السلطة، ولاسيما ان المسرحية تضمنت اغاني من نوع "المربع" تدين التخاذل محاباة الملك او السلطان او الزعيم او حتى صاحب السيادة.بعد صولة بعران مبارك ضد المحتجين على نظامه والمطالبين بسقوطه، دخلت الاباعر في المشهد السياسي العربي، ولم يقتصر الأمر على مصر وحدها، فهناك أكثر من نسخة لتلك الصولة في مدن المنطقة وعواصمها، والبعير هنا تحول إلى أداة بيد السلطة، لأسباب كثيرة من أبرزها انه سهل الانقياد، وبإمكانه ان يفرق حشود المحتجين ويثير الرعب بين صفوفهم، ومن فوائده الأخرى، انه سيكون ساترا متحركا يحمي "بلطجية النظام " لتشخيص المتظاهرين الناشطين، والتقاط الصور الفوتوغرافية لهم لتكون تحت متناول عناصر الأمن السري. مسرحية "ولاية وبعير" للراحل قاسم محمد ربما تصلح للعرض في هذه "المرحلة العصيبة التي تمر بها الامة العربية" بحسب خطب الزعماء والرؤساء والملوك العرب اثناء انعقاد مؤتمرات القمة، والغرض من عرضها مجددا لتوفير الفرص لاتخاذ مواقف جديدة في كيفية التعاطي مع حالات الخذلان والإذعان للسلطة، ولاسيما أن المنطقة تشهد حركة احتجاج واسعة تعبر عن تطلعات الشعوب نحو الديمقراطية، وإلغاء سلطة الحزب الحاكم."بلطجية الأنظمة" يعتقدون بان حكاية الفيل او البعير مازالت تهمين على عقول الرعية، واستنادا إلى هذا الادعاء يرون انظمتهم غير خاضعة لمبدأ التداول السلمي للسلطة فالديمقراطية بنظرهم بلاط للحاشية تحيط بالعرش العظيم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram