TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن:أعزائي المواطنين: نكتفي بهذا القدر من الأسلحة

العمود الثامن:أعزائي المواطنين: نكتفي بهذا القدر من الأسلحة

نشر في: 17 يوليو, 2012: 09:30 م

 علي حسين إذا كنتم مستعدين لتصديق أكذوبة أن نوابا همهم الأول البحث عن سلفة المئة راتب، والحصول على مصفحة وقطعة ارض على شواطئ دجلة، يستطيعون أن يطعموكم من جوع ويؤمنوكم من خوف، ويهتفون فتهتز الدنيا لتمطر عليكم بالرفاهية والأمان، فهذا يعني إنكم أيها العراقيون تتلذذون بان تعيشوا دور المخدوع الذي لا يستطيع النوم، دون أن يسمع خطب وهلاوس محترفي الدجل السياسي.مكثتم مع البرلمان ثلاث دورات عجاف كان خلالها جميع أعضائه يتحدثون كل يوم عن الرخاء والتنمية وحق الفقراء
  والبلاد التي ستشهد ازدهارا على أيديهم الكريمة.. وكلما أكثروا في الخطب والبيانات تصحون انتم على كوارث وكوابيس تطاردكم في كل مكان.وبعيدا عن نوبات العشق المفاجئة التي تستبد بالسادة النواب فنراهم يحملون الشعب في قلوبهم، مصرين على التضحية بالغالي والرخيص من اجل إسعاده، فان قصة استيراد أسلحة شخصية لأعضاء البرلمان والتي نشرتها المدى أمس، كشفت لنا شيئا في غاية الغرابة والعجب، وهو أن مسؤولينا ينفردون بأشياء يستحيل وجودها في أي مكان في العالم. كنت وفي هذه الزاوية بالذات قد تابعت المعارك التي خاضها النواب لإقرار قوانين وتشريعات تضمن لهم امتيازات وتقاعد مجز، وأيضا منافع ومشاريع تؤمن لهم ولأحفادهم مستقبلا زاهرا يقضونه في أحياء لندن او على شواطئ بيروت.الكل يعرف كيف عقد مجلس النواب جلسات طارئة وسريعة صوت فيها بالإجماع على امتيازات شخصية لأعضائه اللاحقين والسابقين فيما عجز المجلس نفسه عن عقد جلسة طارئة يناقش فيها مطالب العراقيين بفتح ملفات الفساد وملاحقة المفسدين بالقانون وبمنتهى الصرامة. سيقول البعض أنني متشائم واكره كل ما يتعلق بالنظام السياسي، فيما الواقع يقول إنني واحد من ملايين العراقيين ممن يتحسسون الواقع كل يوم ويشاهدون حجم الخراب والفساد الذي يحيط بنا من كل جانب، لكن البرلمان يرى الواقع بعين اخرى فهو مصمم على ان يقدم لنا كل يوم انجازا يسعد الملايين من العراقيين وكان، آخرها القرار الثوري الذي جرت وقائعه بين لجنة الأمن والدفاع البرلمانية ولجنة شؤون الأعضاء والتطوير البرلماني حول شراء أسلحة لأعضاء مجلس النواب من مناشئ عالمية بمبلغ أربعة ملايين وخمسمائة ألف دولار أي ما يعادل خمسة مليارات دينار.. وقبل أن نضرب كفا بكف يجيبنا النائب محمد الخالدي على شكوكنا وسوء الظن الذي نحمله تجاه السادة أعضاء المجلس فيقول مبتسماً إن "الأسلحة ضرورية لحماية النائب من الأخطار الإرهابية، لاسيما وان البلاد مازالت تشهد حوادث أمنية". فيا ايها المواطن المتشكك الناكر للجميل الغاضب من السياسيين بسبب وبدون سبب، والرافض لهم على الرغم مما فعلوه من أجلك، لماذا تستكثر على النواب ان يحموا أنفسهم، وأنت الذي تعيش آمنا مطمئنا، الحكومة تتكفل بحراستك ليل نهار، توفر لك أفضل أجهزة كشف المفخخات من مناشئ عالمية، فلا عبوة تنفجر في طريقك، ولا سيارة مفخخة تستطيع ان تغافلك، ولا عصابات تطاردك في الطرقات.. فلماذا لا تريد أن يعم الأمن والأمان بيوت النواب المساكين، الذين يتجولون في الشوارع والقرى والمدن دون حمايات، كاشفين صدورهم للإرهاب، فيما أنت تقتني أفضل أنواع السيارات المصفحة.للأسف سيواجه البرلمانيون هذه الأخبار بسيل من الاتهامات والخطب والبيانات يضحكون بها علينا، ويقسمون بأغلظ الأيمان أن لا وجود لمشكلة فساد ونهب للمال العام وان الرشوة أصبحت من الماضي والمحسوبية لا مكان لها، وان الحديث عن الفساد من صنع الأعداء، وعلى الجميع أن يحترم التجربة الديمقراطية الجديدة، إلا أن النواب يضحكون على أنفسهم حين يتصورون أن المواطن سيصدقهم، فبياناتهم وخطبهم المتهافتة لا تصل للناس، وعندما تصلهم لا يقتنعون بها، بل ويضحكون في سرهم منها.لقد توهم الناس ان الدولة العراقية قامت بعد 2003، ولترسيخ منظومة قيم جديدة تحترم المواطن، وتخضع الجميع للقانون، فيما الحقيقة تقول أنها دولة أيقظت قيم الفساد والشطارة والرشوة وسرقة المال العام على نحو ستخجل منه كل الأجيال العراقية التي ستأتي بعدنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram