TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > حرف علّة:مع أدونيس

حرف علّة:مع أدونيس

نشر في: 18 يوليو, 2012: 07:06 م

 عواد ناصر علاقتي بأدونيس بسيطة جداً، لم تتعد زيارة (سهرة) في بيته بادر إليها صديقي الشاعر جليل حيدر، عندما كنا في بيروت لاجئين على اللاجئين، لكنني أعتبره "صديقي" مجازياً بين آلاف من مبدعي العرب والعالم الذين لم ألتقهم شخصياً. الحوار الطويل الذي أجريته معه لحساب مجلة الشيوعيين العرب (النهج) التي كان يرأس تحريرها فخري كريم، في منتصف ثمانينيات القرن الماضي
– صرنا نتكلم بالقرون لا بالسنوات! – كان حواراً إشكالياً رغم أننا لم نتحاور وجهاً لوجه، بل عبر الفاكس، اختراع تلك الحقبة السحري!كان سؤالي الأخير لأدونيس: من أنت؟ هل أنت ماركسي، ليبرالي، متصوف، قومي، سوريالي؟فأجاب: أنا كل هؤلاء!.سأعيد نشر الحوار، قريباً، وأقدم له غير تلك المقدمة التي كتبها شاعر عراقي شاب في ثلاثينياته، ببيروت عام 1985، لأوضح ملابسات اللقاء.في رسالته الأخيرة إلى صلاح بوسريف يبدو أدونيس أكثر تماسكاً واسترخاء من ردود فعله المبكرة على أحداث سوريا، وما جاورها من (الربيع العربي).أدونيس يتمسك بالجوهري المتعلق بـ"معضلة الحرية" في الوطن العربي، وسواء انفعل أو اضطرب أو استعجل، وسواء كان سوريالياً أم قومياً أم ليبرالياً أم صوفياً، فهو يضع يده حيث يضع كثيرون منا - كي لا أقول جميعاً، خبط عشواء -.أخذ عليه بعضنا رسالته إلى "السيد الرئيس بشار الأسد" لأنها رسالة تحاول ترميم النظام السوري من داخله، كان هذا في بداية الأحداث، أو في مرحلتها المبكرة، وهي رسالة سياسية لا "شعرية" من مثقف/ مواطن سوري إلى رئيس بلاده، وليس في الأمر من ضير، ففي السياسة كل شيء جائز، من القتل حتى الحوار، ومن التعذيب داخل الأقبية المسمومة حتى مخاطبة الرؤساء، وهي سجية عربية بامتياز، فخياراتنا السياسية محدودة، وبعضنا كتب رسائل حتى إلى صدام حسين من دون أن يتوهم بأنه سيجد الوقت، أو المبرر، لقراءتها.ملخص رسالة أدونيس إلى صلاح بوسريف هو: رجاء افهموني.. أنا ضد الطغيان والدكتاتورية، لكنني لا أقبل بسقوط طغيان لكي يقوم طغيان مقابل.وقبلها قال أدونيس:"لست أناضل للخروج من خندق مظلم للدخول في خندق مظلم مقابل".الأمر يمت بصلة لنا، نحن العراقيين، بعد رحيل صدام حسين، فمقالاتنا وافتتاحياتنا في صحافة "معارضة الخارج" – حيث لا صوت يرتفع في الداخل وقتها غير صوت صدام حسين – كانت بجملها ترسم للعراقيين أحلاماً وردية وتقول للأمريكان إن العراقيين سيستقبلونكم بالزهور والهلاهل، لكن لم يكن هناك حقل ولا بيدر، البتة.يقول أدونيس في رسالته إلى بوسريف: "ميزتُ في الظّاهرة التي سُمّيت 'الربيع العربي' بين مستويين : الحركة الشّبابيّة التي أطلقته، والتيارات السياسية، وبخاصّة الدّينيّة الأصوليّة التي رافقته. امتدحت بقوة وحماسة تلك الحركة مشدّداً على أهمّيتها المزدوجة : تأتي عفويّة حارّة من التجربة الوطنية، لا من تقليد الحركات الغربيّة، وتفتتح مرحلة جديدةً من العمل السّياسي العربي.وفي الوقت نفسه، أبديتُ خشيتي من هيمنة تلك التّيارات التي لا أرى فيها إلاّ تنويعاً على القديم، يُعطّل الحياة والفكر، ويُغلق أبواب الحريّة والتّقدّم.في تونس ومصر وسوريا واليمن وليبيا، على سبيل المثال، لم يطلق الإسلاميون الحركة، بل أطلقها شبّان وشابّات، تظاهروا، وكابدوا واستشهد بعضهم. لكنّ الحركات الإسلامية التي لم تكن صاحبة المبادرة، هيمنت بتنظيماتها واستولت على الإنجاز". إنها "معضلة الحرية" عندما يودي "الآباء" بـ "الأبناء" هي أقصى حالات القسوة التي لا تحدث إلا في السياسة.حنكة الآباء تحتوينا، دائماً، سواء كنا ثوّاراً أم خانعين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram