اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > القرطاس والقلم..علاقة القراءة بالكتابة

القرطاس والقلم..علاقة القراءة بالكتابة

نشر في: 18 يوليو, 2012: 07:09 م

أحمد خلف يختصر بورخس كتاب الرمل في القصة التي تحمل العنوان نفسه، بقوله عن خطورة الكتب وأهميتها بعد القراءة وما يتركانه من تغييرات حاسمة في حياة الإنسان، اعني القراءة والكتابة، إذ لا يمكن التفريق بينهما، وإذا كانت الكتابة في المفهوم السائد في أوساط المثقفين عبارة عن عملية خلق على الورق فإن القراءة هي إعادة لهذا الخلق من جديد وبصورة مستمرة...
بورخس عن كتاب الرمل : ((فكرتُ بإحراقه لكنني خشيتُ إحراق كتاب لا متناه قد يخنق الكوكب بدخانٍ لا ينتهي )) . بالتأكيد سوف تأخذنا الحيرة ليس من الكتاب بل مما يتركهُ من دخان لا ينتهي، إذن، نحن إزاء كتاب الكتب الذي حدثتنا عنه الأساطير القديمة، الكتاب المحفوظ في لوحٍ مسطور، لوح لا ينتهي لا بالقراءة ولا بالكتابة، لوح ينتمي إلى القرطاس والقلم بكل جدارة لأنه يخلق نوعاً من الترابط والامتزاج، هذا التواشج والتزامن والترافق والعلاقة التي لا فكاك منها بين القراءة والكتاب، بين القارئ الذي يريد معرفة ما يجري داخل صفحات الكتاب، ولا يمكن  للقراءة، أن تكون ما لم يكن لدينا ما نقرأه من كتب .. كتب، كتب أي واحد من هذهِ الكتب يمكن أن يدلنا على نقطة أو حالة سبق لنا وعرفناها ولكننا أضعناها في خضم الكتب التي ما أنفك عقلنا يطلبها غير أننا ندرك وحالما نفتح أولى الصفحات من الكتب حتى يتيسر لنا معرفة كنهها وستزيدنا بمعرفة ما حصل وما جرى لنا في ما مضى من أيام.  صفحات أو أوراق مكتوب فيها خبر أو لغز أو رمز لا نعرفه ونود الوصول إلى جوهره. والورق المكتوب دائماً يشكل لدى القارئ الممتاز فرصة لمعرفة ما جرى في غفلة منه،... يلتقط أحدنا الصحيفة التي وضعت على سطح مائدة الطعام، وتقع نظراتنا على خبر يثير الرغبة في الاستمرار في القراءة وتبدأ بالعنوان لتنتهي إلى سحب الصحيفة  من على مائدة الطعام واستبدالها بصحيفة غيرها لأن الأولى تنطوي على أسرار وأخبار مثيرة.     أي حمية تستولي على نفوسنا  حين تتلقف أيدينا كتاباً أو مجلة أو صحيفة أسبوعية لم يسبق لنا قراءة أي واحد منهن ولماذا يصر أغلبنا على قراءة المطبوع المنوع ذي الأخبار الفنية المليئة بالصور من صفحاته الأخيرة ويتم تأجيل الصفحات الأولى إلى حين الانتهاء من أخبار المشاهير والفنانين الكبار، ذلك ما ينطوي عليه الورق المطبوع من أسرار أو أخبار نجهلها ونريد معرفتها. والقراءة لا يصح أن تأخذ من حيث هي طاقة استهلاكية، قد يضطر إليها المرء بحثاً عن اللهو أو المتعة التي ينشدها كل قارئ يريد من القراءة ما يوفره الفلم السيني، أو الأغنية العاطفية.. القراءة نشدان حالة من التوازن مع الذات والموضوع أيضاً.  بل ينبغي علينا النظر إلى القراءة باعتبارها حاجة إنسانية ضرورية، من خلالها تتطور إمكانيات القارئ ويتقدم خطوة نحو الأمام كلما تطورت لديه العلاقة مع القراءة، أي أن تصبح سلوكاً يومياً، من خلال هذا السلوك تتفتح إمكانات المرء على مشارب متعددة وقد يلعب الوسط : البيت أو المدرسة دوراً مؤثراً وفعالاً في تنمية هذه الهواية التي نريد لها أن تغدو طريقة للعمل، خصوصاً، حين يكون وسطاً منتجاً للمعرفة والثقافة والفن. وتذكر د.مريم النعيمي من جامعة قطر عن إحصائية القراءة التي أعلنتها اليونسكو في سنوات قريبة ماضية : ((... كشفت اليونسكو في بياناتها عن نسبة مزرية لمقدار مقروء الإنسان العربي موازنة بنظيره الغربي، حيث يقدر متوسط ما يقرأه العربي في السنة بست دقائق مقابل اثني عشر ألف دقيقة للغربي)) وعلى ما في الاستفتاءات عامة من صيغ مبالغة أو عدم تغطية كاملة وشاملة لمعظم الفئات والطبقات عندما تجري استفتاءات من هذا النوع إلا أن أي رقم يمكن لنا ترشيحه بدل الست دقائق سوف يقف خجلاً أمام ما سجلهُ الإنسان الأوربي، وفي البحث عن معنى ذلك، سوف نجد أن الوسط الأوربي، وسط إيجابي ويتسم بالتحفيز على القراءة التي يمكن لها أن تكون أكثر أمتاعاً للإنسان من الكتابة. في فتوتنا المبكرة يوم أنجزنا قراءة كتاب ألف ليلة وليلة، ذات الورق الأصفر - طبعة محمد علي وأولاده المصرية، بمجلداتها الأربعة، كنتُ أسير في أزقة مدينة الحرية، أرى الجدران تمتلك طاقة على الحركة أو الزوغان، والبيوت ذات الطابق الواحد، يهبها الله أو القدر قوة الحضور والغياب المفاجئ، تختفي البيوت بنوافذها وشبابيكها والنساء تبرز وجوههن من بين الأسلاك الناعمة، أرى الأولاد يغازلون الفتيات ولا يراهم أحد سواي كأني أرتدي طاقية الإخفاء، السفن تمخر المياه الدفاقة وهدير الأمواج يصم الآذان، البصر وحده سيد الرؤيا والسندباد البحري يأخذه الموج من ارض إلى أخرى ويحطُ في جزيرة ليرحل إلى جزيرة نائية، والمخيلة ما تكفُ تعمل على توفير المزيد من الصور والمشاهد في عقل الفتى الذي أدهشتهُ حكايات الليالي وقد تعلق بها حتى أصبح مؤلفاً للقصص والروايات. أي قوة قاهرة تطوح بخيالنا بعد القراءة المترعة بالتفاعل الحميم مع الكتاب؟  ترى أي جبروت تمتلكه تك المخيلة ومن أين تأتي اللغة العجيبة؟ الكلام والحكي المطبوع في كتاب ألف ليلة وليلة الحكايات والصور كل الصور التي ترسمها لنا الليالي ترسخ في لا وعينا وتبق شاخصة فينا حتى اليوم.  وكيف لنا أن نصدق خروج الدخان من فم المارد وأنفه، ومن أين

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram