TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > شناشيل: مصر.. القاعدة لا الاستثناء

شناشيل: مصر.. القاعدة لا الاستثناء

نشر في: 18 يوليو, 2012: 07:24 م

 عدنان حسين في الخطاب الذي ألقاه مساء أول من أمس بعد الإعلان رسمياً عن فوزه في انتخابات الرئاسة الأخيرة، ما كان يعوز الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي إلا أن يُعدد أسماء المصريين فرداً فرداً، فهو سمّى المحافظات والمدن الكبرى والفئات الشعبية والتيارات السياسية والمؤسسات الأمنية بأسمائها في "لفتة" ربما فكّر في أنها تمدّ جسراً مقطوعاً مع الأغلبية من الشعب المصري.
هذه "اللفتة" لا تعكس شعوراً بالقوة والتمكن من الدكتور مرسي، القيادي في حركة الأخوان المسلمين المقدّر لها أن تهمين على الحياة السياسية، وفي مقدمها سلطة الدولة، خلال السنين المقبلة التي قد تمتد إلى عشر، بل إنها ("اللفتة") تشير إلى شعور أقل ما يقال فيه انه قلق ومرتبك، فأول رئيس في حقبة ما بعد حسني مبارك الطويلة يدرك انه بالرغم من فوزه رسمياً في الانتخابات لا يحظى بالقبول العام من المصريين، اذ لم يأتِ الى كرسي الرئاسة بأصوات الاغلبية منهم، وان الذين رفضوا انتخابه، إن بالتصويت لمنافسه أحمد شفيق أو بالامتناع عن التصويت له أو لشفيق، هم الأغلبية الساحقة (نصف المصريين لم يذهبوا الى مراكز الاقتراع وأكثر قليلاً من نصف هذا النصف انتخبوا مرسي أي ما يعادل نحو 26 بالمئة فقط من مجموع الناخبين). لا بد أن الرئيس المصري المنتخب كان يطمع في فوز كاسح منذ الجولة الأولى للانتخابات، وهو ما لم يتحقق له حتى في الجولة الثانية، ولذا وجدناه يلجأ، في أول كلمة له بعد إعلان فوزه، الى خطاب عاطفي يسعى إلى استمالة الأغلبية التي اختارت ألاّ تصوّت لصالحه في رسالة تعكس موقفاً سلبياً حيال قوى الإسلام السياسي التي يخشى المصريون أن تفرض عليهم عقيدتها الصارمة وقوانينها المتشددة.والخطاب العاطفي الذي وصفه البعض بأنه "تصالحي" عكس أيضاً عجزاً من مرسي في عرض برنامج عمل محدد يلتزم به أمام ناخبيه في الأقل. صحيح انه تقدم إلى الانتخابات ببرنامج، لكن هذا البرنامج اتّسم بالعمومية وبغلبة الشعارات. وقد تعهد مرسي في هذا البرنامج بتطبيق الشريعة الإسلامية وبناء نظام سياسي قوي وتحويل الدولة المصرية إلى دولة مؤسسات ومعالجة مشكلات البطالة والفقر والصحة والتعليم المزمنة والتحول من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد القيمة المضافة وتأمين الحريات والحقوق السياسية والمدنية. ولكن كيف؟ بأي الوسائل؟ وعلى أية مساحة من الوقت؟ لا جواب. لو رجعنا إلى خطابات الرئيس السابق حسني مبارك لا نجد أيّاً منها يخلو من الشعارات التي أطلقها مرسي في برنامجه الانتخابي وفي خطاب الفوز. وكحال مبارك سيجد مرسي أن ليس في وسعه أن يضع العربة المصرية خلف الحصان، ولن يكون هذا في مقدور اي حركة إسلامية. فليس ثمة مثل واحد على نجاح الإسلاميين في تحقيق الشعارات والبرامج التي يعلنونها ويتبنونها. لم يحصل هذا في إيران ولا في السودان، ولا هنا في العراق الذي حقق الإسلاميون (الشيعة والسنة) لأنفسهم الهيمنة والنفوذ على الدولة منذ عشر سنين من دون أن يحققوا للشعب أدنى ما يعدونه به السنة بعد الأخرى.مصر لن تكون الاستثناء، بل هي ستؤصل القاعدة بعد أن ينفضّ المولد الانتخابي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram