عامر القيسي أعلنت لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب، أمس الاثنين، تأجيل تطبيق قرار هيئة الإعلام والاتصالات القاضي بإيقاف 44 وسيلة إعلامية عن العمل، ودعت المؤسسات المعنية لاتباع الإجراءات القانونية للحصول على رخص العمل، فيما أكدت الهيئة أن قرار المنع جاء لأسباب تنظيمية بحتة.
اعتقد أن هناك خلافا بين أي طرفين بضرورة تنظيم الحياة بكل أنشطتها وفق القوانين والمعايير التي تصب في النهاية في خدمة المواطن الذي هو غاية التشريعات والقوانين.الزوبعة التي أثارتها هيئة الإعلام والاتصالات بشأن إغلاق 44 وسيلة اعلامية، كان بالإمكان أن لا تكون، ولا أن تزيد "الغرقان" بالأزمات "غطّة" كما في مثلنا الشعبي. بكل بساطة كان بإمكان الهيئة إنذار وسائل الإعلام التي لا رخص عمل لها أو التي خارج إطار "الأسباب التنظيمية البحتة" حسب تعبير الهيئة، وبشكل علني من خلال الصحف ومنح تلك الوسائل فرصا كافية لترتيب أمورها وتسيير عملها بشكل تنظيمي وإداري جيد، بل ومنحها فيما بعد فرصة أخرى لأننا نعلم جيدا أوضاع المؤسسات الإعلامية ومشكلاتها ومنها قضايا التمويل المالي. لكن الأهم من كل ذلك هو أن تكون معايير الهيئة في منح الرخص أو أي وسيلة إعلام، واضحة المعالم والنصوص لا تحتمل التأويل والتفسير والاجتهاد الشخصي أو المزاجيات التي عادة ما تتحكم بعمل الكثير من مؤسساتنا وأن لا تخضع تلك المعايير الى أي اشتباهات سياسية، بحيث يكون من حق الهيئة التلاعب بمصائر مؤسسات ووسائل الإعلام ووضعها تحت مقصلة الإغلاق لأن توجهاتها لا ترضي فلانا وعلانا من المسؤولين!!ومثل المعايير التي نتحدث عنها التي تتناغم مع حقوق الإنسان وحق الوصول الى المعلومة وضمان حرية التعبير لا يمكن ان تضعها هيئة، ربما تكون هناك الكثير من علامات الاستفهام على طبيعة تشكيلها سواء عن طريق التعيين الحكومي أو خضوعها لمبدأ المحاصصات الذي أغرق مؤسسات الدولة بالجهلة والأميين بل والطائفيين مما افقدها الكثير من حيويتها وقدرتها على ان تفعل شيئا للمواطن الذي تأسست هي أصلا لخدمته في كافة المجالات، وهو المبدأ الذي جعل كل تلك المؤسسات متدنية الأداء اذا لم تكن تتخبط بالأخطاء والفساد المالي والإداري ونهب المال العام!والإعلام من أخطر المؤسسات التي أوكلت إليها مهام المراقبة الشعبية ولم تسم بالسلطة الرابعة اعتباطا، وأوضاعها في أي بلد تعتبر من أهم معايير الديمقراطية فيه، ووضعها تحت طائلة الإغلاق والتراجع لأسباب غير مفهومة ولا مقنعة يضع تجربتنا السياسية تحت المجهر وأمام الكثير من التساؤلات، فليس من المعقول أن تتخذ هيئة الإعلام قرارا خطيرا بغلق 44 مؤسسة إعلامية وتكلف وزارة الداخلية بتطبيق القرار ثم تتراجع عن قرارها في مؤتمر صحفي، ولا نعرف إن كانت سترتكب خطأ مشابها فيما بعد، والقناعة السائدة في الوسط الإعلامي والثقافي بل والسياسي أيضا أن تراجع الهيئة عن قرارها جاء نتيجة الضغط القوي الذي مارسته الهيئات والمؤسسات الإعلامية والثقافية وليس منّة من الهيئة أو اعترافا بالخطأ والعودة عنه، والمعقول جدا أن الهيئة تتخبط في سياساتها التي لا تحكمها معايير كما أنها تتعامل مع هذه القضايا بسطحية لا تأخذ بالاعتبار حتى الأزمات التي تمر بها البلاد أو التي ستمر بها لاحقا وربما تكون هذه الهيئة وغيرها من الهيئات "المستقلة" بحاجة الى إعادة نظر في تشكيلها وبنائها، لتكون تحت سطوة البرلمان وليس الحكومة إذا أردنا فعلا أن يكون لهذه الهيئات كيانها المستقل ودورها الفاعل.
كتابة على الحيطان: قرارات هيئة الإعلام والاتصالات.. الغلق نموذجاً!
نشر في: 18 يوليو, 2012: 07:25 م