TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث:السودان ليس استثناءً

في الحدث:السودان ليس استثناءً

نشر في: 18 يوليو, 2012: 07:28 م

 حازم مبيضين مثل كل الطغاة العرب, الذين مادت عروشهم ", رغم أنهم رؤساء جمهورية ", على وقع هدير الجماهير المطالبة بالخبز والحرية, طلع علينا الرئيس السوداني عمر البشير, بعد انحسار ظل حكمه عن نصف البلاد, ليصف المتظاهرين والمحتجين, الذين تدفقوا إلى الشوارع احتجاجاً على قراراته الاقتصادية الجائرة,
 بأنهم شذاذ آفاق, وأمر بفتح معسكرات تدريب ميليشيات موالية له, لمواجهة مؤامرة مزعومة, ولم يتوان عن اللحاق بركب من سبقه من الحكام الطغاة, معلناً أن بلاده ستظل بمنأى عن الربيع العربي وتفاعلاته, وأن الخرطوم بقيادته الحكيمة, ستظل بمنأى عن تفتح زهور ذلك الربيع, الذي اجتاح خريف الطغاة, فأسقطهم الواحد تلو الآخر, في مسيرة تاريخية بالمعنى الكامل, نثق أنها ستظل مستمرة, حتى تستعيد الشعوب حقها في الحرية والكرامة والمساواة والحياة الكريمة.يقول البشير المطارد من العدالة الدولية, لارتكابه جرائم حرب بحق مواطنيه, إنه تجول بسيارته المكشوفة في شوارع الخرطوم, ليكتشف أن المتظاهرين لا يلقون أي تجاوب من الشعب السوداني, وكأن من يتظاهرون ليسوا من أبناء السودان, الذين تكويهم قراراته الأخيرة, أو هم طارئون جرى استيرادهم على عجل من كوكب آخر, وكان واضحاً خوفه من وصول تداعيات الربيع, التي تأخرت في الوصول إلى بلاده, تحت ضغط نظامه الأمني, وهو يحاول تصوير ما يجري في بلاده اليوم , على أنه تكرار لأحداث شهدتها البلاد مرات ومرات, وأنه إذا أراد الشعب السوداني أن ينتفض فسينتفض كله, في محاولة لعزل المتظاهرين, واعتبارهم فئة قليلة من المتخاذلين والمتآمرين والعملاء والفقاقيع التي ستزول, بمجرد أن ينفخ عليها من أنفاسه الزكية المعطرة.اللغة الخشبية التي لجأ إليها البشير, هي ذاتها التي صدح بها القذافي في ليبيا, قبل سحله على يد الثوار الذين وصفهم بالجرذان والكلاب الضالة, ومبارك قبل أن يدفع به ميدان التحرير وراء القضبان, ويحرر منها رئيس مصر الجديد, وصالح قبل أن تتحرق يداه ووجهه, ويغادر موقعه الرئاسي مذموماً مدحوراً, ومعهم كل الذين تفجرت عواصم ومدن بلادهم بالغضب الجماهيري, وهم جميعاً حاولوا إقناعنا بأن ما يجري هو مؤامرة خارجية, تستهدف أمن البلاد والعباد, لكن لغتهم تلك لم تغنهم شيئاً, ووجدوا أنفسهم وأنظمتهم الفاسدة, في مواجهة المصير المحتوم الذي أبدعته الجماهير, وهو ما نشهد اليوم إرهاصاته في السودان, الذي عرف أهله يوماً الحكم الديمقراطي, ولو بأبسط أشكاله, قبل أن ينقض العسكر على القصر الرئاسي, وينقلبوا على إرادة شعبهم ويحرموه من الحرية, ويدخلوه في مغامرات عسكرية واقتصادية استنزفت موارد البلاد ودفعتها إلى هاوية الفقر والحاجة. يخوض البشير اليوم حربه ضد أبناء شعبه في الخرطوم, بعد أن لم يترك بقعة في البلاد لم يخض فيها حرباً, وقد خسر كل معاركه, رغم كم التحالفات الهائل, التي عقدها مع أفرقاء مختلفين ومتباينين, فقط  للحفاظ على موقعه, وجرب خلال فترة حكمه كل ألاعيب الحواة ليظل  رئيساً, وتخلى عن كل حلفائه, بمجرد شعوره بأنهم لم يعودوا قادرين على حمايته, أو لأنهم فكروا بمشاركته السلطة, وتحالف مع منافسيهم السياسيين, وهو بذلك فقد ثقة الجميع ولم يتبق معه غير أفراد حزبه المستفيدين من سلطته, ورئيس بهذه المواصفات لن يكون قادراً على اجتياز امتحان الربيع العربي الذي يدق اليوم أبواب الخرطوم, فالسودان ليس استثناءً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram