اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > جورج اورويل الآخر

جورج اورويل الآخر

نشر في: 18 يوليو, 2012: 07:37 م

ترجمة: عباس المفرجي قد يكون جبّار الأدب الحديث، لكن مؤلف "1984"، سيبقى دائماً، لأقربائه الأحياء، الخال ايريك، الرجل الذي يقرأ الشعر الفرنسي في السيارة – ويقرمش كعكة البودنغ. ((حتى لو كنا نعتقد انه كان شهيرا، لما كنا نفكر بأننا سنتكلم عنه بعد ستين سنة)) يقول هنري داكين، مفكرا مليا في مكانة خاله ايريك بلير، في عام وفاته في عام 1950، الرجل الذي كان معروفاً في العالم بالأديب جورج اورويل. (( كثير من الناس يصنعون لهم أسماءً ويتوارون بعد فترة، أليسوا كذلك؟ لكنه لم يزل أشهر من نار على علم)) يضحك بخفوت.
 (( نحن سعداء أن نتفيأ في ظل مجده)) توافق على هذا أختاه جين مورغان ولوسي بستلي، وعلى وجهيهما تعبير من الفخر والإعجاب.نحن نجلس في منزل في كيسيك تتقاسمه المرأتان (يسكن داكين على مقربة، في الجانب الآخر في داروينووتر) وتكاد تكون لحظة استثنائية أن ترى الثلاثة معا، مستغرقين في ذكرياتهم عن "الخال إيريك" وعن الأيام التي قضوها معه، قبل وقت طويل. مورغان الآن في الثامنة والثمانين من العمر، داكين في الخامسة والثمانين وبستلي في الثمانين.برغم أن ابن اورويل بالتبني، ريتشارد، الذي يبلغ الستين من العمر، هو الذي حمل اسم عائلة أبيه، فإن الثلاثي – نسل شقيقة اورويل الكبرى مارجوري وزوجها همفري، الموظف – هم الأقرباء الأحياء الأقرب إليه. من السهل ملاحظة - وهو أمر يبدو بارزا - السمات الوراثية حين تراهم وهم يتبادلون الحديث مع القهوة : في صياغة مورغان اللغوية المحترفة للعبارة وتحديداتها اللفظية المفعمة بالحيوية؛ في أسلوب داكين الساخر، وغالبا المستقل؛ في الشكل الدقيق لعيني بستلي البرّاقتين.من المدهش سماع القصص، التي تناقلها كتّاب السيرة حول تلك السنوات، بشكل مباشر من أقرباء الكاتب، وعلى الأخص تجربتهم على شواطئ الجزيرة الاسكتلندية جورا، حيث عاش اورويل، في عزلة زاهدة وعانى من المرض، مع شقيقته الصغرى افريل بينما كان يعمل على رواية " 1984 ". القصة الشهيرة التي حدثت في آب 1947، حين انقلب قارب اورويل في دوّامة كورّفريكان، وكاد يغرق هو وداكين، حينها في سن الواحدة والعشرين، وبستلي، في السادسة عشرة، وريتشارد، في الثالثة من العمر – رويت مع الكثير من الضحك على خالهم.بعد أن وصلوا إلى الشاطئ، وبعد أن فقدوا كل محتويات القارب تقريباً، عدا صنارة الصيد وبعض من البطاطا، ((قال إيريك، ’يجب أن نتناول وجبة طعام‘،)) تتذكر بستلي. فينبرى داكين قائلا: ((لم نكن نحتاج حقا إلى وجبة، إذ لم يمض سوى ساعة على تناولنا الفطور، لكنه كان يعتقد انه يجب عليك تناول الطعام حين تنجو من الغرق)) وعندما التقطهم في النهاية قارب لصيد جراد البحر، أصرّ اورويل قائلا لمنقذيهم إنهم بحالة جيدة تمكنهم من المشي حوالي خمسة كيلومترات إلى البيت. ((كان هو في حالة جيدة لأنه لم يزل محتفظا بحذائه، أما نحن ففقدناها)) تقول بستلي. ((هذا هو إيريك)).إنها تتذكر العطلة الأولى التي أُخذت فيها إلى جور في السنة السابقة، حين قُرر أن يتناولوا أوزا على العشاء. (( قال ايريك)) قلدت طريقته في مط الكلام، ((أوه، سوف أطلق عليها الرصاص)) ثم طاف في بارنهيل وراء الأوز الذي ظل يهرب بعيدا عنه. إنها لم تكن خطة مدبرة جيدا، وانتهت بالإخفاق)) ذكرى تقود إلى أخرى، الطقطقة المستمرة للآلة الكاتبة، المسيرة الأثيرة للنظر إلى شقائق النعمان في والبرسيك، مرضه بعد عودته من بورما. الجميع يتذكر ولعه بالحلوى – وصوت الصرير تلذذا، الذي يطلقه لمرأى حلوى طيبة.((كان يحب المزحات)) تقول مورغان. ((أوه، لا أعتقد انه كان فكها جدا)) يعترض داكين. ((حسناً، أحيانا يدفع نفسه للضحك)) تدافع قائلة. مورغان، كونها الأكبر – مولودة عام 1923 – لديها ذكريات وافرة وتستجمع صورا مبكرة عن الكاتب المكافح، الذي كان يقيم مع العائلة في ليدز، منحشرا في مؤخرة السيارة عندما شرعوا في رحلة في يوم ديسمبري بارد لقضاء عطلة الكريسماس مع عائلة بلير في ساوثوولد: ((لأنه كان رجلا طويل القامة في سيارة صغيرة، كانت ركبتاه في مستوى وجهه، وأتذكر انه كان طيلة الوقت يقرأ بينما نحن نستعد للرحلة – لا يبدي أي ملاحظة على أي شيء على الإطلاق. من الواضح انه كان كتاب شعر فرنسي!)).هل لمثل هذه القصص أهمية؟ أنبنت سمعة اورويل العالمية على بصيرة كتاباته وطبيعتها البعيدة الأثر. مع ذلك وبسبب أن الكثير جدا من هذه الكتابات، وليست فقط المقالات الصحفية المثمرة وكتب الدراسات المهمة، التي نشأت من الملاحظة المباشرة، فإنه ليس من العبث التنقيب عن التفاصيل الدقيقة لحياته المتطوفة. على الأقل، يمكن أن تنفعنا الذكرى، عندما نقف على الأحداث المروية أعلاه، ونعرف انه كان له تحوّلاته وفشله – وأن الطبيعة النبؤية لبعض من أكثر أعماله بقاءً لم تأت من السماء، بل من انغماره التام في مَدّ وجَزْر الحياة العصرية المضطربة.سبب واحد يجعل أبناء شقيقته متحمسين للحديث عنه الآن، بعد أن ظلت لسنين صورته مبهمة على نحو غير عادي، ذلك هو، كما تشرح مورغان، ((إن الناس بدأوا بتحويله الى أسطورة، لا شخص حقيقي على الإطلاق)) والحفاظ على صورة اورويل كإنسان هي واحدة من القوى الموجهة لقيام جمعية اورويل، التي هي في النهاية نوع من جمعية أدبية ملائمة للعديد من المؤلفين البريطانيين الآخرين، القصد منها التقدير، المناقشة والاكتشاف. وهي مبادرة من

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram