علي حسين عبيد إذا أراد المعنيون بالإسهام في بناء المجتمع وفقا للضوابط التي تجعل منه مجتمعا معاصرا، فإن ذلك يستدعي منهم العمل بإخلاص وجد للوصول إلى درجة النجاح المطلوبة، من خلال المحافظة على دور المرأة أولا، وهذا الهدف الكبير، لن يتحقق من دون حفظ كرامة المرأة ودعم شخصيتها، وجعلها كيانا قويا له كامل الثقة بنفسه وقدراته التربوية،
ودوره في الحياة عموما، لأن المرأة الضعيفة المهانة من لدن الرجل المتعصب، لا يمكن أن تربي طفلا ناجحا واثقا من نفسه، وبالتالي فإن إهانة المرأة وسلبها حقوقها والاعتداء عليها وأهانتها وتحجيمها وإقصاءها، كل هذه الأمور تجعل منها كائنا مشلولا ومركونا في الهامش، لذا فإن المرأة الفاشلة المقصية ستفشل قطعا بتربية النشء وفقا لضوابط المعاصرة والنجاح، ومجاراة التطور العالمي السريع.إننا نتفق على أن (فاقد الشيء لا يعطيه)، فإذا كانت المرأة الواقعة تحت السلطة الذكورية، فاقدة لكرامتها وشخصيتها وثقتها بنفسها، فمن المحال أن تربي إنسانا ناجحا يمكن أن يخدم المجتمع، ومن هذا المنطلق، ينبغي للرجل وللمعنيين جميعا، من الرجال والنساء من أصحاب القرار، أو من مؤسسي وقادة المنظمات الرسمية والأهلية، المعنية برعاية المرأة وحمايتها، أن يتنبّهوا جميعا إلى خطورة النتائج التربوية، التي يجنيها المجتمع نتيجة لإهانة المرأة والتجاوز على حقوقها.لذلك يجب أن تكون خطورة التجاوز على المرأة وتهميشها ذكوريا، حافزا لتجنب مثل هذه الأساليب، حفاظا على الدور المهم للمرأة في صناعة المجتمع، ولابد من أن تصبح آليات حماية حقوق المرأة والحد من السلطة الذكورية التي تتحكم بها، نهجا سلوكيا عاما ومعتادا في المجتمع عموما، بمعنى ينبغي العمل من لدن الجميع، لا سيما المعنيين بهذا الأمر، على إشاعة ثقافة احترام المرأة، وصيانة حقوقها، والحفاظ على مكانتها، وشخصيتها، ودورها في الإسهام بصناعة المجتمع المعاصر، من خلال مساندة المرأة للقيام بدورها التربوي أولا، ومن ثم قيامها بالأنشطة الأخرى التي تناسبها، والتي تسهم في بناء المجتمع بصورة عامة.ويتطلب تحقيق هذا الهدف مساعي متواصلة ينبغي أن تبادر بها الجهات ذات العلاقة، أو المعنية بهذا الأمر ومن هذه المبادرات على سبيل المثال:- ضرورة تأسيس المنظمات التثقيفية التي تعمل على نشر الوعي المطلوب بين شرائح المجتمع عموما حول احترام حقوق المرأة وأهمية دورها في المجتمع.- أن تقوم الجهات المعنية لاسيما الرسمية منها على تأسيس وتطوير المؤسسات والمنظمات التي تختص بالتأهيل الصحي والنفسي والاجتماعي في مجال التثقيف على أهمية المرأة ودورها الاجتماعي الحيوي.- أن توضع الخطط المطلوبة لمعالجة العنف الذكوري ضد المرأة وتحويل هذه الخطط إلى برامج عمل ملموسة ومطبقة على ارض الواقع.- أن تُسن القوانين والضوابط التي تسند أخلاقيات وسلوكيات حماية المرأة من مظاهر العنف الذكوري.- أن يسهم الإعلام عموما في بث وترسيخ سلوكيات مساندة المرأة وحمايتها وتفعيل دورها في المجتمع، وأن يقوم بمحاربة العنف ضد المرأة.إن وضع العمل من لدن الجهات المعنية بخصوص تحييد العنف الذكوري ضد المرأة، وتطبيق ذلك بصورة فعلية وجادة، من شأنه أن يبني شخصية فاعلة للمرأة، الأمر الذي يعود بنتائج إيجابية ليس للمرأة وحدها بل لعموم المجتمع.
النساء .. تهميش متواصل
نشر في: 18 يوليو, 2012: 07:39 م