TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :عن صاحبي المتفائل

سلاما ياعراق :عن صاحبي المتفائل

نشر في: 18 يوليو, 2012: 07:52 م

 هاشم العقابي لي صاحب لا يتشاءم أبدا. لديه ألف ألف حيلة دفاعية، ولا أعرف كيف تعلمها، في التحايل على  أشد اللحظات كدرا وتشاؤما ليجد منفذا للتفاؤل. ومثل هذا الصاحب النادر يفيد في هذه الأيام التي أين ما التفت أجدها شحيحة في المسرات كريمة في الأوجاع.
ليلة البارحة، وكعادتهن، "التمن عليّ مكدرات البال"، كما يصفهن عريان، فاحتجت إليه. هاتفته فبادرني بواحدة من نكاته المميزة. اختار لي منها واحدة تمنيت لو أنها لا تخدش الحياء لأقولها لكم. أضحكتني بطريقة أزاحت ثلاثة أرباع الكدر عن النفس. قلت له أنت معزوم الليلة عندي إكراما لنكتتك هذه فلبى الدعوة والتقينا.سألني عن علاقتي بالشعر الشعبي هذه الأيام، فأخبرته أني أدمنت العزوف عنه. ليش؟ القصة طويلة يا صاحبي، أقل ما فيها أني وجدته قد ابتعد عن هم الناس ولم يتخلص من الخراب الذي حل به في ايام صدام السود. قلل تشاؤمك. دلني أنت على ما يقلله.فتح اللابتوب، ليريني مقطعا بالصورة والصوت لشاعر ما كنت قد  سمعت به من قبل. شاعر شاب مليء بالحيوية مسيطر على إلقائه بوضوح. وقبل أن أنتبه لمضمون قصيدته فجعت برؤية  يديه المقطوعتين. ما هذا؟ نعم انه قطيع اليدين. أيبتسم ويتحدى وهو بلا يدين؟  كم هو عظيم هذا الشاب. رد علي صاحبي: انه نهاد الخيكاني ابن ولايتي الناصرية يخاطب الإمام علي، فأسمعه:قارنتك علي ويه اليحكمون        ولكيتك يا علي مفرط بالاحكامشني تحكم الدنية وعرشك بساط        وشني بجامع مقر القائد العام؟وشني عود اليتيم يكضلك الباب؟        اليتيم يروح يسكن دار الأيتامجا ما عادها ولا كضلك الباب        كون بصدره قنبر ساحب أقساممعقولة؟ هز صاحبي رأسه: اسمع بعد اسمع. سمعته بكل جوارحي إلى أن وصل إلى:شعجب ولدك علي ما طلعوا ايفاد؟                         ددزهم عالبحر يكضولهم عامدبرلهم عذر خلهم يصيفون        بحجة مشوا دورة بنشر الإسلامنهضت من مكاني إجلالا لهذا المظلوم الذي رغم ما حل به، يؤشر على الظلم من دون يد أو إصبع. ليتني أقبل يديك المقطوعتين يا نهاد.استغل صاحبي إعجابي بهذه "التصجيمات" الشعرية، فسألني: ها شلونك هسه؟ بعدك متشائم؟ بل ازددت تشاؤما. هاي ليش؟ نهاد لم يكتب قصيدته هذه لي أو لك أو للمظلومين والمحرومين بل للحكومة ورئيسها. صح. وسؤالي: هل سمعه السيد المالكي؟ طبعا سمعه. لا يا صديقي فهو لم يسمعه حتى وإن سمعه. أحزورة هذه؟ إن السمع سمعان، فهناك من يسمع بأذنه وآخر يسمع بضميره، أما قالوا إن هناك من يرى بقلبه وآخر يرى بعينه؟ زين انت شمدريك ما سمع؟ لو سمعها مثلما سمعناها أنا وأنت لما ظل في منصبه ساعة واحدة،  ليس هو، فقط، بل وكل من في الخضراء. حزن صاحبي المتفائل دوما ورد: والله شكلك؟ لا تقلي بل اسألهم: هل سمعتم ما قاله نهاد الخيكاني للامام علي؟ وتتصور راح يجاوبوني؟ ليش لا؟ إنهم لا يجيبون. ولماذا أنت متشائم لهذا الحد. انت عديتني. آني؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram