TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :لا يا كاظم الكاطع

سلاما ياعراق :لا يا كاظم الكاطع

نشر في: 19 يوليو, 2012: 06:02 م

 هاشم العقابي لن أرثيك، ولن أغفر لك هذه المرة. لا يا كاظم، مو بكيفك، ولك والله بعدنا ما "انتهينه" ولا "انتهى الما ينتهي"  و "لا خلّص حچينه". ما زال فيك غيث من الشعر لم ينهمر بعد. وما زالت ضفاف بحر عطائك أبعد من الأفق. كاظم يا كاظم، أما وعدتني في آخر اتصال لنا انك ستكتب مقدمة كتابي، وهددتني، رغم ضعفك الجسدي، بأنك ستقلب الدنيا عليّ لو أني سمحت لغيرك بكتاباتها. چا وينه حچيك ذاك وزامطك النه.
تعتذر وتقول لي ما بيدك حيلة لأنه الموت. شنو موت؟ أنعل أبو الموت الذي ترك من يستحقونه وقصدك أنت بالذات. إنه جبان كما كنت تصفه من اليوم الذي أخذ فيه منك أبنك حيدر. فعلا إنه جبان وحسود وغادر، و "ما يندل إلا الزينين"، كما تقول أمي. لقد  استغل فيك ضعف قلبك المرهف فضيق عليك أبواب الدنيا ثم استفرد بك بعد أن شلّ نصف لسانك ونصف جسدك. ثم حين وجدك تتنفس شعرا ولم يجف نبع عطائك عاد إليك ليخطف منك أم أولادك زكية. أنت الذي طمعته فيك و "انطيته عين". فحين وجدك تتألق في قصائد الرثاء صار يحوم حولك ويتربص بك على سطح دارك. هل تتصور وهو، السادي جدا، أن يرحمك وأنت تقول:لمت الروح بس شفادني اللوم        شلحك وبسفينة الموت عابر؟المنايا اعله السطح وعيونها تحوم        عليك ونزلتلك نسر كاسرلا تزعل يا كاظم لو قلت لك انك أنت الذي طمعته فيك بما أكثرت من قصائد الرثاء. وجدك  أبدعت في الحديث عنه، فأمعن في طعناته حتى استدرجك أن تخصص ديوانا شعريا كاملا لمرثياتك. لم أعهد شاعرا شعبيا مهما مثلك أن تخصص بالرثاء كما تخصصت. أشبعتنا بكاء حد النحيب. تفعل هذا فينا والموت يضحك. إنه، مثل الحكومة، لا تحزنه رؤية اليتامى والأرامل ونحيب المفجوعين.  لا تلمني يا كاظم، فإني حقا لا أعرف ما الذي أريد قوله فيك. أنت أيها الشاعر الشعبي العراقي المهم، إن لم تكن الأهم، لماذا استعجلت الرحيل وأنت تعلم أنك في أوج عطائك؟ كنت لا أتحمل رؤياك على الفضائيات، وأنت بتلك الحال، بعد أن غير المرض كثيرا من ملامحك، فالتفت جانبا لأراك، في مخيلتي، ذلك الصديق المتألق الوسيم الذي لا تفارقه النكتة وسرعة البديهة، حتى أن الركابي كاظم قال عنك يوما بأنك أسرعنا بديهة. ياله من وجع أن أتذكركما،الآن. أنتما الكاظمان اللذان رحلتما عنا بلا وداع. ها أنتما ماثلان أمامي ونحن في رحلتنا صوب مهرجان السماوة الشعري. كان الركابي في مقدمة السيارة وأنت تختار الجلوس في آخر مقعد فيها كعادتك عندما نسافر لأي مهرجان. كانت قصيدة " چا بعديش؟" الرائعة والتي كتبها الركابي  قد انتشرت بيننا. أتذكرك كيف رددت عليها مرتجلا بقصيدة مماثلة للحد الذي أضحك الركابي وأغضبه في آن؟ما الذي دهاني؟ هل هو وقت هذا الكلام؟ هل هو الهذيان أم وقع الفجيعة أم لأني لا أصدق أنك مت؟ وإن كنت فعلا قد فعلتها ومت يا كاظم الكاطع، فأقول لك:اعلكـلك ألف راية و كـلك هاي وحده وياك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram