عامر القيسي اتخذ مجلس وزراء الإقليم قراراً بصرف رواتب الموظفين النازحين من الوسط والجنوب الى إقليم كردستان الذي أصبح ملاذاً آمناً في أصعب الأوقات التي مرت بها مناطق ومحافظات العراق في الوسط والجنوب بسبب الاحداث المعروفة بين عامي 2005- 2007 . وهي التفاتة ليست ذات طابع إنساني فقط بل هي تأكيد للخطاب السياسي في كردستان من أن الإقليم جزء من العراق حسب الدستور .
والحقيقة إن قضية الموظفين النازحين إلى كردستان مشكلة متعددة الجوانب تتعلق بالكثير من الأمور الإدارية والبيروقراطية تحديدا ، فالذين نزحوا بسبب أعمال العنف في البلاد تركوا الغالي والنفيس للحفاظ على حياتهم وحياة عوائلهم وبالتالي كان ترك الوظيفة واحداً من خيارات الحفاظ على النفس ، وبسبب الترك فقد اعتبر جميعهم بحكم المستقيلين أو المفصولين من العمل ، وبالرغم من محاولاتهم اللاحقة ،بعد استتباب الأمن نسبيا في الوسط والجنوب ، للعودة إلى أعمالهم أو الحصول على أوامر إدارية لنقلهم إلى دوائر حكومة إقليم كردستان ، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل بشكل عام ، وأدت هذه الحالة إلى خسرانهم حقوقهم لعقود طويلة من الزمن في خدمة الدولة العراقية بسبب مطالبات الدوائر الرسمية في الوسط والجنوب من هؤلاء الموظفين الكثير من الوثائق التي يصعب الحصول عليها بسبب الفقدان أو غيره من الأسباب ، وهي حالة مشابهة لما حصل بعد التغيير في 2003 حيث كانت الدوائر الرسمية تطالب بوثائق تعجيزية لاعتبار الموظف مفصولا سياسيا ، وأضاعت تلك المطالب كثيرا من الحقوق لمواطنين لم يستطيعوا أن يقدموا الوثائق المطلوبة لدوائرهم التي تركوها بسبب الملاحقات السياسية التي تعرضوا لها في زمن النظام السابق ، وزاد الطين بلّة أن الحكومة الاتحادية ممثلة بمجلس الوزراء شكّلت لجان التحقق من الذين تمت إعادتهم وطالب الكثير منهم بالرواتب التي استلموها ، لان تلك اللجان غير مقتنعة بالأسباب أو الوثائق التي قدموها ، وهي لجان تعيش في أبراج عاجية لايمكن الوصول إليها أو مناقشتها بأسباب رفضها غير المنطقية في أكثر قرارات الرفض ، وضاعت بسبب هذه الحالة الكثير من الحقوق !!الحالة الحاضرة التي نتجت عن أحداث العنف في البلاد تحتاج إلى التعامل معها بشفافية وروح إنسانية مرتبطة بموقف سياسي مما جرى في البلاد ، وعدم اعتماد المعايير الإدارية الساكنة والميتة وهي القادرة على التعامل مع مستجدات الأوضاع الجديدة .. تحتاج إلى عقلية أخرى ترفع الحيف عن المتضررين والأخذ بنظر الاعتبار الصعوبات الكارثية التي مر بها المواطن في زمن صعب ليس من السهولة أن تجد فيه أو تحصل على الوثائق التي تمنحك حقوقك أمام لجان وقرارات تتعامل مع الأوراق وليس مع الحالة !!قرار مجلس وزراء الإقليم وضع إصبعه على بعض من جرح عراقي يعانيه الآلاف من النازحين من الموظفين وغيرهم من الفئات ، وتقع على الحكومة الاتحادية في بغداد مسؤولية إيجاد الحلول الكفيلة بإنقاذ هذه الفئات من معاناتهم وإصدار القرارات المنطقية التي تأخذ بنظر الاعتبار الواقع المأساوي الذي مررنا به ، واستكمال النصف الذي يخصها بدون تبريرات بيروقراطية لقرارات صدرت في خمسينات القرن المنصرم !!تحية لقرار كردستان العراق .. وينتظر الآلاف قرار استحقاقاتهم وحقوقهم من حكومة بغداد ..فهل تفعل ذلك ؟!!
كتابة على الحيطان:قرار سليم.. والحلّ في بغداد!
نشر في: 19 يوليو, 2012: 06:23 م