علي حسين لولا المواقف الانتهازية وانعدام الكفاءة لمعظم سياسيينا ومسؤولينا ما وصلنا إلى هذه الحالة المزرية التي نعيشها اليوم، هذه الكلمات ترددها الناس كل يوم وهي ترى الخواء السياسي الذي يحيط بهم.. وتشاهد مجموعة من الـ "صبيان" يتحكمون بمصائر البلاد والعباد..فالناس تدرك ان ما جرى ويجري خلال الاشهر الماضية
ليس ببعيد عن حوادث جرت العام الماضي والاعوام التي سبقته.. غياب للامن وانعدام للخدمات وفوضى سياسية وصراع مصالح يرافق هذا كله حالة انعدام رؤية عند معظم السياسيين ممن يتغنون بالدبمقلراطية نهارا ويجهزون عليها عند المساء حين تتعارض مع مصالحهم الخاصة.البوم تعيش الناس مع صراع سياسي مخيف، يقوم على ممارسة اللعب بالنار كنوع من التهديد وإثارة الفزع واستدعاء الخطر لحبس الناس داخل جدران الخوف والرعب، واستخدام وجوه تردد ما يملى عليها من تصريحات مفزعة، تحذر من أخطار تقسيم البلاد وتفجيرها من الداخل، لو اصر البعض على طلب استجواب رئيس الوزراء. وسط هذه الفوضى نطالع خبرين مثيرين للاهتمام الاول يؤكد ارتفاع عدد ضحايا الأعمال الإرهابية في العراق خلال شهر أيار الماضي، والثاني يقول: "بلغت تكاليف رواتب عناصر حمايات رئيس الوزراء نوري المالكي 138 مليون دولار سنويا، بعضها خصص لشركات امنية"، وقال النائب فرهاد الاتروشي ان عدد عناصر الحماية من منتسبي القوات المسلحة" يبلغ 4300 شخص ولفت الى ان "هذا الملف سيكون ضمن الاسئلة الموجهة الى رئيس الحكومة في حال استجوابه من قبل البرلمان ".الخبران يمثلان مدى التناقض الذي نعيش فيه.. أناس أبرياء يقتلون كل يوم دون ان تشعر الحكومة بالحرج او بتانيب الضمير، في الوقت الذي تجند القوات الامنية كل طاقاتها لحماية أشخاص معدودين، في كل يوم تضبط كوارث الخروقات الأمنية البعض من مسؤولينا وهم متلبسون بحالة من العمى أصابت عقولهم قبل ابصارهم، بحيث يبدون وهم يطلقون تصريحاتهم المتناقضة وكأنهم يتخبطون في نفق مظلم. للأسف أيها السادة نحن نعيش مع ساسة أصيبت عقولهم بداء اللامبالاة،ولم تعد الأحداث الخطيرة تؤثر فيهم وكلما كثرت المشاكل والأخطار، كثر أيضا النفاق والكذب والخديعة، وكثرت التصريحات المتناقضة، في كل الأحداث الأمنية الخطيرة تخرج علينا الماكنة الإعلامية للحكومة بسيل من البيانات المتناقضة، الأول يبشر العراقيين بالقضاء على رؤوس الإرهاب، فيما الثاني يتكلم بخجل عن عشرات الضحايا الأبرياء فيما ثالث تنتفخ أوداجه وهو يؤكد أن هناك خرقا امنيا قد حصل ولن يتكرر، في الوقت الذي نجد فيه المسؤول الاول -واعني به رئيس الوزراء الذي ارتضى لنفسه ان يمسك بخيوط الملف الامني كلها بيده - منشغلا في معارك سحب الثقة وترسيخ مفاهيم دولة الحزب الواحد والرجل الواحد حتى لم يعد يكلف نفسه بإصدار بيان يواسي فيه عوائل الضحايا.. مثلما حدث امس في تفجيرات الحلة والتي راح ضحيتها شباب كان من الممكن ان يصبحوا يوما ما نجوما في لعبة كرة القدم.. لم يتذكرهم احد ولم تكلف وزارة الرياضة والشباب نفسها فتعزي اهاليهم بكلمات قليلة، فيما نقرا البيان الذي اصدره الامير الاردني علي بن الحسين وهو يقدم "تعازيه القلبية لأسرة كرة القدم في العراق إثر عملية القتل البغيضة لتسعة من لاعبي كرة القدم شبابا ومشجعين في ملعب لكرة القدم في مدينة الحلة" بينما وزير الرياضة والشباب مشغول بشتم كل من يقترب من ملفات الفساد في وزارته .. والنائب كمال الساعدي يشمرعن ساعديه ليقول ان الحديث عن فساد في مشروع المدينة الرياضية مجرد اكاذيب.. طبعا وسط هذه الفوضى تخرج علينا قيادة عمليات بغداد بقصيدة من الغزل تؤكد فيها إن الوضع تحت السيطرة، وهكذا تغرقنا الحكومة وأجهزتها كل يوم بسيل جارف من التصريحات المتناقضة والهدف هو إخفاء الحقيقة بأي شكل من الأشكال، لتبتلعنا أمواج البحث عن مبررات للحوادث التي تتخطى حدود الكارثة، مسؤولون يهملون البحث عن الأسباب، وينشغلون بالبحث عن مبررات سرقتهم لاموال الشعب واستحواذهم على المناصب وتحويل مؤسسات الدولة الى اقطاعيات خاصة ممنوع الاقتراب منها. هكذا تريدنا الحكومة دوما أن نغرق في بحر اللامبالاة، حين تصر أن الازمة التي تمر بها البلاد سببها ان العراقيين لا يحترمون الدستور ولايضعونه بالقرب من قلوبهم ، مصرة على إيهامنا بأننا نعيش أزهى عصور الاستقرار وان ما حدث سحابة صيف ستنجلي حتما.. فقط لو آمن الجميع ان لا بديل عن المالكي الا المالكي نفسه.
العمود الثامن:القيادة الحكيمة وتفجيرات الحلة
نشر في: 19 يوليو, 2012: 06:30 م