TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كلاكيت:في ذكرى المتمرد

كلاكيت:في ذكرى المتمرد

نشر في: 19 يوليو, 2012: 06:35 م

 علاء المفرجي لعل الكلمات التي وصفها به (بيرتولوتشي) الذي اخرج له احد أهم افلامه (التانجو الاخير في باريس) قائلا: (براندو ملاك كرجل، ووحش كممثل) هي اقرب للحقيقة من بين ما قيل عن مارلون براندو خلال مسيرة فنية استمرت اكثر من ستة عقود، انتهت في مثل هذا اليوم قبل ثمانية اعوام.
منذ اول ظهوره له بدور (ستانلي كوالكسي) في مسرحية تينيسي ويليامز  (عربة اسمها الرغبة) وجد نقاد ومهتمو السينما انهم ازاء ممثل مختلف يؤكد حقيقة ان التمثيل هو فعل ابداعي يقوم به المبدع وهو الممثل. ولكي يكرس براندو هذه الحقيقة فيما بعد يصبح احد اعضاء (استوديو الممثل) تلك الورشة التي يتدرب فيها الممثلون المحترفون على التحكم في التعبير عن انفعالاتهم ومزجها بانفعالاتهم المختزنة، وجد ان التمثيل يبدأ من واقع الحضور الشخصي والجسماني للممثل، ويصبح ديناميا باستعمال هذه القوة.ومن بين ممثلين قلائل، كان ل (براندو) الدور الفاعل في ان يكون الممثل العنصر الاهم في الصنعة السينمائية في وقت انشغل فيه الكثير من الممثلين في حمى تأكيد النجومية التي منحتها السينما زخما وحضورا قويا وبالاخص في الفترة التي شهدت صعود هذا الممثل الاسطورة.. فلم يكن ميله لمدرسة المنهج التي وضع اسسها المنظر العظيم (ستانيسلا فسكي)، مجرد اعجاب ممثل في اولى خطواتها، بل كان انتماء حقيقيا لها حيث اجادها بل واضاف اليها درجة انه اصبح رائدها الاول في فن السينما، حيث تمثل الشخصية عوضا عن الطريقة التقليدية التي سادت والمتمثلة بالمبالغة في التعمق بالاحساس الداخلي، وهو بهذا –اي براندو- كان وفيا لتعالم هذه المدرسة حيث الالتزام منذ قراءته النص بتحديد الشكل ورسم الاجساد والتعبيرات في الوجه والصوت.. وقد مهد براندو في اسلوبه هذا لممثلين كبار اخرين اقتفوا الاثر مثل (دينيرو)، افلامه على الشاشة (الرجال) عام 1950 تحت ادارة ستانلي كريمر وهو التجسيد الحقيقي لهذا المنهج، حيث الزم نفسه لكي يقوم باعداد نفسه للدور في البقاء شهرا كاملا في مستشفى المعاقين حتى يكتسب خبرة وعالم بطله المشلول الساخر بمرارة. وما تميز به هذا الممثل العظيم هو استثماره الذكي لمزاج ورغبة جيل ما بعد الحرب في البحث عن نموذج للتمرد والمنفلت من سطوة التقاليد المتزمتة.. فعرف عن حياته تمرده وثورته ورفضه لكل ما هو تقليدي وهو الامر الذي اغنى اسلوبه المتمرد في التمثيل، ولعل رفضه لجائزة الاوسكار عام 1972 خلال تقديم صديقته الهندية الحمراء بقراءة كلمته في مراسيم توزيع الجائزة خير تعبير عن ذلك، وتأكيد في الوقت نفسه على مناصرته لقضية الهنود السكان الاصليين في اميركا، مثلما اثار سخط اليهود في مهاجمته سيطرتهم على صناعة السينما في هوليوود.اسطورة القرن العشرين في التمثيل المتمرد، معجزة التمثيل، الماسة النادرة.. القاب اقترنت باسم مارلون براندو الذي لو كان مكتفيا خلال مسيرته بادواره في (العراب) او (القيامة الان) او (التانغو الاخير) فقط، لكان ذلك كافيا باحقيته بخلع الالقاب  عليه ليبقى خالداً في ذاكرة السينما ابداً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram