اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > مهنة الخياطة فـي الطريق إلى المتحف البغدادي!

مهنة الخياطة فـي الطريق إلى المتحف البغدادي!

نشر في: 19 يوليو, 2012: 07:18 م

 كتب/ فرات ابراهيمأسماء ما زالت تعيش في ذاكرة العراقيين من أصحاب مهنة الخياطة الذين ابهروا أصحاب الذوق والأناقة بطريقتهم في التفصيل والخياطة، فما زال البغداديون يتذكرون محالَّ وأسماء، يتحاشون القرب منها بسبب ذياع سمعتها وفنّها، وأمام تقدم التكنولوجيا وسرعتها في إلغاء كل ما هو متأخر في نظريتها، انزوى عدد كبير من أصحاب تلك المهنة بعيدا عن مهنتهم، وعزوف الكثير من الناس أمام تدني الأسعار وطرح بضاعة من مناشئ أجنبية تحمل مواصفات  لا يقوى على منافستها خياطو الذوق الرفيع، ممن انكبوا على مكائنهم دون تحديث لعملهم أو مواكبة ما هو جديد ربما نكون على خطأ في وصفنا هذا لحال الخياطين إذا ما استمعنا لكل حكاياتهم.
الكهرباء أحد الأسبابيقول أبو سعد، وهو خياط منذ فترة طويلة، وله محل في شارع السعدون  : لقد تركت عملي في مهنة الخياطة بسبب أزمة الكهرباء، فالخياطة تعتمد اعتمادا كليا على الماكنة التي تعمل على الكهرباء إضافة الى جهاز المكواة الحديث الذي يسحب كهرباء (عالية)، فلهذا أنا أمام أمرين: إما أن ادفع أجور أكثر من 20 أمبيراً في الشهر الواحد وكما هو معروف فان الأمبير بـ10 آلاف دينار أي عليّ أن ادفع 200 ألف دينار للمولدة، وأكثر من 300 ألف دينار للإيجار هذا يعني أني أدفع نصف مليون دون أي مصاريف كالأكل والأدوات الاحتياطية وراتب العامل، أو أن اركن كل هذا جانبا، وأمارس خياطة (الكف) و(التقريم ) على قارعة الطريق، وهذا أمر لم يكن يرتضيه في السابق حتى ابن الخياط، لكننا أمام هذه الظروف القاهرة خضعنا للواقع المر وهو الخياطة (للمعاميل) ، وحينما سألته هل يستذكر زبائن زمان، أشعل سيكارة وكأنه يستذكر عشق تاه عن فؤاده فقال: الناس في السابق كانت أنيقة وتحب الهندام وتعتبر أن الملابس الحاضرة (عيب) لا يرتديها المجتمع الراقي، انظر إلى حفلات ام كلثوم والقبانجي وشاهد هذا الجمع الكبير من الحضور كلهم يرتدون البدلات الرسمية وكأنهم في اجتماع هام، وكانت محال الخياطة في بغداد لا يقترب من بابها من كان، لان أسعار خياطة البدلة كانت عالية وانجاز البدلة يستغرق وقتا طويلا ليس كما نرى اليوم من ملابس ينتهي موديلها بيومين أو ثلاثة ونادرا ما نجد من يرتدي البدلة الرسمية هذه الأيام سوى رجالات الأعمال والمسؤولين.rnطلبات مشروعة الغالبية العظمى من المتبضعين الذين التقيناهم كانوا مع استيراد الملابس، ويرفض الأغلب منهم الاعتماد على الخياط المحلي لأنه وحسب قول المواطن (جبار عزيز) ما أن يشعروا بأنهم تسيدوا الموقف حتى يقومون برفع أسعار خياطة البناطيل والقمصان والبدلات، وأكد أنه اشترى بنطلونا بسعر 10 آلاف دينار، وحينما ذهب به إلى اقرب خياط عراقي لكي يأخذ من طول البنطلون خمسة سنتمترات بدقيقة واحدة، طلب منه أربعة آلاف دينار اي نصف سعر البنطلون، فكيف بهم إذا كان الأمر كله بيدهم، مواطن آخر يوجد مثلا آخر على جشع البعض واستغلالهم لأي فرصة توفرها الدولة لهم، فيقول انظر الى أسعار الفواكه والخضراوات فما أن منعت الدولة استيراد ها من الخارج تشجيعا للمزارع العراقي حتى قفز سعر كيلو الطماطة من 500 دينار الى 2000 دينار ، ربما أجد في قول هؤلاء شيئا من الصحة فقد لمست الكثير من هذه الأمور لمس اليد دون تقصي او اعتماد على روايات او شهود ولكن بالمقابل لا يعني هذا ان نطلق رصاصة الرحمة على هذه الصنعة لاني على يقين انه لو توافرت المكائن الحديثة بدعم الدولة وفرض رسوم كمركية على البضاعة الأجنبية وتشجيع الصناع العراقيين عبر قروض ميسرة لكان للأمر وجه آخر في الحديث ولكن تذهب كل هذه التسهيلات أدراج الرياح ويعود الأمر الى ما عليه حالما نتذكر اننا نسينا ام المشاكل (الكهرباء).rnمن الخياطة إلى التقريم وكف الملابس!ابو عبير واحد من الخياطين المعروفين في بغداد، ويستذكر بأنه قام بخياطة عدد كبير من البدلات الرجالية لمسؤولين كبار حيث كان المحل الذي يعمل فيه (خياطة الرافدين) له اسم كبير في مواكبة كل ما هو جديد ويقتصر عمله على زبائن محدودين، وللمعلومة وليست الدعاية فانا حينما قررت الزواج هو من قام بالتفصيل والخياطة لي، ويوم لبست تلك البدلة اغلب الناس هنأني على هذا الذوق الرفيع في خياطة البدلة، يقول ابو عبير بأنه الآن يملك محلا بذات الاسم وان اغلب زبائنه هم من زبائن الذوق الجميل ويشعر غالبية (معاميله) بأنه ثروة لهم ولا يودون ان ينقطع عن عمله، واحد من هؤلاء دكتور باطني كان موجودا معنا أثناء الحديث، وقال بالحرف الواحد: الرقم الذي يطلبه لخياطة البدلة أعطيه إياه، لأني اشعر بقدرته وفنه وأنا مواظب على تفصيل بدلاتي عنده منذ وقت طويل. يقول أبو عبير إن خامات الاقمشة الراقية لم يعد يجلبها التجار وصارت حكرا على محلات محدودة تقوم هي بالاستيراد، بينما في السابق كان يتبارى التجار في استيراد أرقى الأقمشة ومن مناشئ عالمية وانه اليوم يبحث طويلا لكي يجد (خامة) تلائم زبائنه .. كما لا ينكر ابو عبير عسر المعيشة وقلة المورد من خياطة البدلات بسبب ذهاب الغالبية إلى المستورد الرخيص وانه صار إلى جانب خياطة البدلات (يقرم) الملابس بسبب ضعف الوارد، وقال إن مهنة التقريم او كف الملابس لم يكن يرتضيها أي خياط سابق، وكان يترك هذا الأمر لـ( الصبية) الذين كانوا يعتاشون على تلك المهنة دون أن يطلب منهم (الاسطة ) مبلغ التقريم. أسعار البضاعة الأجنبية تحرجنامحمد الخياط واحد من أصحاب المهنة العتيقة عاش حياته صبيا في ذات المحل الذي يملكه اليوم وما زال في ذاكرته الكثير من الحكايات الجميلة كيف لا، ومحله ملاصق لدائرة التلفزيون في الصالحية وخيرة الإعلاميين والوجوه الم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram