اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > بشير مهدي .. مؤهلات السرد عن طريق الرسم

بشير مهدي .. مؤهلات السرد عن طريق الرسم

نشر في: 20 يوليو, 2012: 07:54 م

صلاح عباس تبرز أهمية الفنون من خلال تواشجها مع الحياة وارتباطها الديناميكي بالمستجدات , فسمو الفن وألقه مرتبط بمفعلات الحياة وتفهم ملغزات أسئلة الوجود الباحثة عن إجابات منطقية للمعاني الكامنة في الطبيعة البشرية أو المحيط البيئي الذي نعيش فيه أو نتأثر به .
نتلقى الفنون الراقية , المسوغة بأداء تقني متقدم فإننا سنولي أهمية قصوى لكل التفاصيل الداخلة في بنية العمل ،ولعلنا نستعير أجنحة تخييل الفنان ونحلق في عوالمه المختلفة التي لا تشبه عوالمنا وحياتنا الواقعية , والفنان بشير مهدي أسس لنفسه مملكة افتراضية مبتكرة هيأت له حرية إطلاق أفكاره وتصوراته عن الوجود والصراع الدائر فيه منذ بدء الخليقة .إننا بمواجهة لوحات مؤلفة بمنتهى الإتقان من جوانبها الفنية المتعددة وعناصرها الأساسية شكلا ومضمونا , فثمة مطابقة بين مقصود الفنان وآلية اشتغاله على سطح اللوحة المتشكلة من بعدين , وإكسابها بعدا ثالثا,  غير أن مقدرة الفنان الهائلة على التجسيد ملكته حق التأثير المباشر على المتلقي الذي سيتفاعل مع أجواء اللوحة وسيتداخل بين وحداتها الصورية ومفرداتها الرمزية وسيستنبط صيغة أخرى للفهم الجديد , الذي يقبل التصديق على الرغم من هول التصور والاحتمال .لقد عني الفنان بشير برسم التفاصيل وأجزاء الأجزاء بطريقة الرسم الواقعي ،ذلك انه حافظ على تسمية مفردات اللوحة ووحداتها الصورية بأسمائها المعروفة وفق سياقات التجربة المعتادة في المعرفة الإنسانية , بيد أن الفنان يعمل على وضع نقاط اختلاف وتباين على ترتيب الوحدات الصورية وتنظيمها بطريقة مفارقة أو متقاطعة مع الرؤية الواقعية , وبذا فإن اللوحة الواحدة تمثل نصا بصريا مفتوحا يحتمل القراءة على أنحاء متعددة .ربما يسلم المتلقي إلى قناعات راسخة وأكيدة عن مستوى الأداء المتقدم , تخطيطا وتلوينا وفهما معمقا لقواعد الضبط في التصميم النهائي للوحة الواحدة ،وهذا أمر مفروغ منه نهائيا , وبين مهارات التجسيد والتشكيل تتخفى غايات الفنان وتبرز أسئلته المريبة عن الطبيعة البشرية القاسية , والمثيرة للهلع والمصير المحزن , لا ليقدم رسما وثائقيا أو تسجيليا عن طبيعة الحياة السيئة ولكن ليعلن عن نبوءات وحدوس محتملة الوقوع في أي مكان وزمان على الأرض .لعل المتابع لأعمال بشير مهدي يتوقع ملاحظة ضروب مختلفة من المنطلقات الفكرية والرؤيوية ،فلكل لوحة سمات متفردة وينبغي على المتلقي ملاحظة تاريخ إنتاج اللوحة لأن لكل تاريخ إيقاعا وتأثيرا وضغطا ذاتيا على الفنان , بيد أن نقاط الاتقاء والعناصر المشتركة في أكثر اللوحات تظهر المميزات الأسلوبية للفنان ،ومن هذه العناصر المشتركة : أولاً : العمل على المضاهاة والخلق الإبداعي المتأتي من مقدرة الفنان على تحدي المواد الخام وخلق إيهام بصري (بطريقة خداع البصر) ولكن ليس على شاكلة رسامي (( up artمن جماعة (فازاريللي )  وتطويعها وفق ما يشاء وكيف ما يريد  ،لذا يمكن للمتلقي التحسس البصري بملمس القماش من النوع الحرير أو الزجاج من أنواع البلور أو الكريستال أو الخزف بأنواعه والحديد وغيره.ثانيا : الياء المنظور البصري أهمية استثنائية مدعمة لتجسيد مساقط الضياء وانكسارات الظلال والتحسس بالمديات , القريب والبعيد , الضئيل والكبير ولكن بمعيارية الرسم الواقعي المعتاد .ثالثا : التأكيد على تشارك عناصر الطبيعة مع البيئة,  فالطبيعة تلوح من خلال علامات البيئة التي هي من عمل الإنسان ،وغالبا ما يركز الفنان على الإنشاء التصويري المفتوح , ليس من خلال الغايات النهائية لتصور الفنان فحسب بل من خلال انفتاح الأبواب والنوافذ والستائر لخلق جو منسجم بين الداخل والخارج , داخل الصورة وخارجها , وداخل الإنسان وخارجه ،ولقد أكسبته هذه الطريقة قيما إضافية سمحت له بالجمع مابين جماليات المنظر الطبيعي وألقه المحبب دائما وبين قيم النص البصري بوصفه نوعا من التراجيديا الإنسانية المشبعة بالحزن والأسى .فماذا نرى في الصورة ؟_ في لوحة(TWEE RAARDEN EN TWEE APPELS )أنجزها سنة 1998 / زيت على قماش قياس 100×90سم  جسد فيها الفنان معالم غرفة صغيرة تطل على فضاء خارجي من خلال وجود نافذة زجاجية وستائر بيضاء مفتوحة ،ففي احد جدران الغرفة لوحة معلقة مرسوم عليها حصان بلون ابيض يحدق في فرس حمراء تقف واجلة وحائرة  في الطبيعة خارج أطر اللوحة , وهنا نجد أن الفنان بشير مهدي استثمر طاقة الرمز وتضمين المفردات الصورية المفارقة ،فاللوحة المعلقة بدت وكأنها تبث الحياة للغرفة الصغيرة من خلال إطلاق الشعور الحيوي للجماد ومشاركته بالفعل الدراماتيكي إزاء الشعور بالرغبة والتواصل ،وتذكرنا هذه اللوحة بالقصة الشهيرة التي عرضها الروائي الروسي فيدور  ديستوفيسكي على الأديب  ليون توليستوي والتي تروي قصة حصان يأكل داخل الاصطبل فعلق تولستوي على  هذه القصة قائلا لدستوفيسكي الذي كان شابا في مقتبل العمر  : أشك في أنك كنت حصاناً في يوم ما.أو أنها تتناغم مع لوحة الانتظار لفائق حسن المجسدة لحصان هزيل يرمق بصره باتجاه حصان ميت , إن الفنان بشير مهدي اشتغل بمنطقة ثقافية اللوحة&

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تربوي يشيد بامتحان "البكالوريا" ويؤكد: الخطا بطرق وضع الأسئلة

إطلاق سراح "داعشيين" من قبل قسد يوتر الأجواء الأمنية على الحدود العراقية

(المدى) تنشر مخرجات جلسة مجلس الوزراء

الحسم: أغلب الكتل السنية طالبت بتعديل فقرات قانون العفو العام

أسعار صرف الدولار في العراق تلامس الـ150 ألفاً

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram