علي حسينتدخّل الحكومة في كل صغيرة وكبيرة .. اصبح كأنه قدر مكتوب ، والرضا بالمكتوب صفة من صفات العراقي الصبور.. رضينا وصبرنا على فساد مسؤولين حكوميين كبار وتلاعبهم بأموال طائلة من دون وجه حق ، رضينا بانعدام الخدمات في كل امور حياتنا لان الحكومة لاطاقة لها بـ (تكفلنا) اكثر من هذا ،
رضينا بالكثير ولاداعي لزيادة اللف والدوران في هذا الموضوع حتى لانصبح مثل (النادبات على القبور) ..ولكن في المقابل عندما يعلن رئيس الحكومة توجهاته بضرورة ان يلتزم الاعلام جانب الحكومة تطبيقا للمقولة الشهيرة (انصر اخاك ظالما اومظلوما) فان الامر يصبح نكته وتتحول توجيهات رئيس الوزراء الى فرمان سلطاني اولى فقراته هي وجوب ان تقف شبكة الاعلام العراقي الى جانب الدولة ..ثانيا ان تمتنع الشبكة عن الدعاية لاي مكون سياسي من المكونات المشاركة في الانتخابات القادمة ..ثالثا ان تمتنع الشبكة عن عرض خصومات السياسيين ، وحتى لانكون متجنين على كلام السيد المالكي تعالوا معنا لنقرأ فقرات من القانون الذي تاسست بموجبه شبكة الاعلام العراقي ..تندرج شبكة الاعلام العراقي، بالمعايير الدولية، تحت عنوان البث العام الذي يعرف بانه ذلك البث الموجه الى العامة، والممول من قبل العامة، والذي يدار من قبل العامة. وقد اخذ الدستور العراقي الدائم بهذه الفكرة فجعل شبكة الاعلام العراقي من الهيئات المستقلة المرتبطة بمجلس النواب، وهو الهيئة الدستورية التي تمثل العامة، واخرجها من الارتباط بالحكومة، و الخضوع لها. وتعني عبارة البث العام (البث والارسال بموجب التزام قانوني للترفيه عن جميع شرائح المجتمع العراقي وتثقيفه وتقديم المعلومات له عن مجموعة عريضة من القضايا المتنوعة والتطورات والاحداث والظواهر داخل البلاد وخارجها). ويشمل هذا، على سبيل المثال لا الحصر، (تأمين النقاش المفتوح والحر حول قضايا تهم الجميع وتعزيز المجتمع المدني وتشجيع قدرات الابداع المحلية وتمثيل حاجات الجمهور العام).ومن واجب الشبكة (ان تعكس القيم الديمقراطية والاجتماعية والثقافية للمجتمع العراقي وان تسعى في جميع الاوقات الى ان تعكس بصورة معتدلة ومنصفة التنوع الاقليمي والثقافي والسياسي للعراق ولشعب العراق).تتبع شبكة الاعلام العراقي ومؤسساتها الثلاث الكبرى، تلفزيون العراقية واذاعة جمهورية العراق وجريدة الصباح ، الامر الاداري المرقم 66 الذي يمثل الخطوط العريضة لسياستها العامة، وتتمثل هذه السياسة بتقديم اعلام (مهني ونزيه ومستقل) وهي سياسة انيطت بمجلس امناء الشبكة حراستها وحمايتها تحقيقا للمصلحة العامة، التي تتمثل بـ تطوير اسلوب ديمقراطي في العراق، انطلاقا من (اهمية الاعلام في بناء مجتمع ديمقراطي)، كما ينص القانون، ومن اجل ضمان هذه الاستقلالية اخرج الدستور الدائم شبكة الاعلام تماما من دائرة الحكومة وجعلها هيئة مستقلة مرتبطة بمجلس النواب. وهذا يعني، ان الشبكة ليست ناطقة باسم الحكومة، وغير خاضعة لتوجيهاتها، وان كان من مهامها تغطية نشاط الحكومة وفقا لما يقرره المسؤول عنهاحسب نص القانون.من هنا تصبح زيارة المالكي لشبكة الاعلام واصداره توجيهات لعملها خرقا لاستقلالية الشبكة وتدخلا في عملها ..ولاننا نعيش في زمن العجائب فقد اتحفنا احد مستشاري رئيس الوزراء ببيان انتقد فيه بعض المطالبين بحرية الاعلام واستقلالية الشبكة حين قال وبالفم الملآن: (لاتوجد حرية مطلقة للاعلام من دون ضوابط وتعليمات) واضاف لافض فوه: ( الحكومة من حقها ان تنتقد الاعلام )، ونسي المستشار ان هذا الاعلام الذي يتحدث عنه هو في الاساس اعلام الشعب، الذي يفترض ان يقدم المسؤولون عن الشبكه له الحقيقة بشكلها الكامل ، فهم يتلقون اجورهم ومعاشاتهم من اموال الشعب ولكن يبدو ان المستشار يؤمن ان الشعب مايزال قاصرا وعلى الحكومه ان تتولى رعايته وادارة شؤونه ، فالقانون لايمنح القاصرين حق التصرف باموالهم حتى يبلغوا السن القانونية ، ويبدو اننا شعب لم نبلغ سن الرشد بعد.ولاننا نعيش في زمن العجائب فقد اضاف لنا رئيس الوزراء اعجوبة جديدة لعجائب الواقع العراقي حين قال: ان اذاعة الـ (بي بي سي) البريطانية والممولة من المال العام لم تجرؤ يوما على انتقاد الحكومة البريطانية. ولا تعليق عندي على كلام المالكي فالكلام يدخل ضمن نطاق النكات الحكومية التي تلاحقنا ليل نهار.
فــــارزة: من يملك شبكة الاعلام ؟
نشر في: 16 أكتوبر, 2009: 07:38 م