TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > وقفة:شعب سوريا.. لا تعذرونا

وقفة:شعب سوريا.. لا تعذرونا

نشر في: 26 يوليو, 2012: 03:33 م

 عالية طالب لم أستوعب جيدا معنى أن نعتذر عن استقبال اللاجئين السوريين فيما لو قادتهم خطواتهم الخائفة والحائرة للجوء صوب حدود العراق!! لم أفهم بوضوح كيف يمكن لنا بكل تاريخنا "الوطني" في التعامل مع قضايا المنطقة العربية ومع مستجداتها السياسية والأمنية والعسكرية، بكل هذه السلبية العجيبة التي صرحت بها حكومتنا وكأنها تعتذر عن دعوة عشاء أو مؤتمر أو ندوة أو مهرجان أو احتفالية!!
سوريا بكل تقاطعاتها السياسية معنا إبان النظام السابق ونظام ما بعد 2003 لم تعتذر يوما عن استقبال العراقيين، كل العراقيين ولم تسألهم على الحدود قبل أن تمنحهم سمة الدخول أن كانوا بعثيين أم من أحزاب أخرى، ولم توقفهم لتتأكد من مذاهبهم ولا من أحوالهم الاقتصادية وحجم ما اصطحبوه من أموال معهم كما تفعل بعض دول الجوار واللاجوار!! ولم تقف بوجه من جاءها مرعوبا من تهديد القتل والخطف والاغتيال مصطحبا معه عوائل لا رصيد مادي معها بل زاحمت أبناء البلد السوري على فرص العمل ورفعت أسعار العقارات والمواد الغذائية وضغطت على الخدمات بكافة أشكالها وعلى المدارس بكافة مراحلها وعلى الجامعات وعلى دور العبادة والمقاهي والمواصلات والشوارع والهواء والماء!! كل هذا فعلناه بسوريا منذ 2003 ولحد الآن ولم تتذمر لا شعبا ولا حكومة ولا منظمات ولا مؤسسات ولا تجمعات.. ولم نسمع منها إلا عبارات الترحيب والتضامن بتعدادنا الذي فاق المليون واقترب من مضاعفته.. لم تصدر تعليمات تمنع دخولنا مثلما فعلت مصر والأردن ولم تعرقل وتنزل فيه تعليمات مستحيلة مثلما فعلت دول الخليج، ولم تلاحقنا وتعيد ترحيلنا مثلما فعلت دول أوربا، ولم تجبرنا على تسجيل أبنائنا في مدارسها المجانية فيما رفضت اغلب دول الأشقاء ذلك وأرهقت عوائلنا المبتلاة بمحدودية دخلها بجعل أبنائها يتركون الدراسة. لم تقل لنا سوريا "أعذرونا" لوجستيا أو أمنيا أو صحراويا، وافترشنا مدنها من الشمال الى الجنوب ووجدنا تفهما شعبيا وإنسانيا عجيبا ولم تشعرنا بالغربة أو أننا حمل ثقيل عليها بل كانت بلدا بديلا بكل معنى الامان والاستقرار والطمأنينة التامة سواء على مستوى الدولة وقوانين الإقامة، وعلى مستوى الشعب وإنسانيته الرائعة.هل يعقل اليوم وهي تمر بظرفها الصعب هذا ان نقول لها "اعذرينا" وعلى أي أساس غريب؟ وهل نعجز عن توفير مجمعات اسكانية لها وبجداول إغاثة محددة ربما لن تكلفنا ربع ما ننفقه على مناسباتنا الدينية او الاحتفالية، ولن ندخل في التفاصيل لاننا سنعدد آلاف وآلاف ملفات الصرف الباذخة وغير المسؤولة والغرائبية فيما نحن نتعلل اليوم بعجزنا عن توفير واحتواء وإغاثة شعب شقيق مثل سوريا ونلوح لهم بأن تركيا أولى بهم منا!!كم كنا سنفخر بتصريحاتنا لو قلنا لأشقائنا "العراق عراقكم" كما أشعرونا هم بذلك، وكم كنا سنفخر بحكومتنا وهي تقدم ما بوسعها لإغاثة السائل والخائف واللاجئ إلينا!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram