TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > (مطر صيف) لكاظم النصار..عرض إشكالي ومُراوحة بين المحكي والفصيح

(مطر صيف) لكاظم النصار..عرض إشكالي ومُراوحة بين المحكي والفصيح

نشر في: 26 يوليو, 2012: 03:53 م

بشار عليوي نحن أمام تجربة مسرحية مُغايرة تماماً لمُجمل العروض التي قدمها (كاظم النصار) مُخرجاً، حيث توالت العروض المسرحية التي قدمها والتي ركز فيها على موضوعة الحرب وتداعياتها وما تخلفه من دمار وآثار نفسية حتى وصفَ مشروعهِ المسرحي بـ(مسرح الحرب)، فـ(مطر صيف) لعلي عبد النبي الزيدي _ مؤلفاً، وكاظم النصار _ مُخرجاً ،
 وهناء محمد / فاضل عباس _ مؤدين والتي قُدمت على خشبة المسرح الوطني ببغداد مؤخراً. عرض مسرحي حاول الاشتغال ضمن منطقة الألم الإنساني بجميع تشعباتهِ عبر تمثلاتهِ في تمظهرات الفعل الخارجي والداخل لشخصية المرأة / الأم / الوطن / الزوجة ، التي هي دائماً " بالانتظار " للزوج ، للأمل ، لحياة جديدة، لساسة جُدد لا يسرقون البلاد ويفرقون العباد.(مُطر صيف) لـعلي عبد النبي الزيدي، يتعرض لمرحلة ما بعد التغيير الذي حصل بعد 2003 في العراق ، حيثُ الوطن ( الذي رُمِزَ لهُ بشخصية المرأة ) الباحث عن قادة جُدد يأمل من خلالهم أن يأخذوا بيده نحو غد أفضل لا قادة وساسة مُستنسخين ليس إلا يُقدمون أنفسهم بوصفهم المُخلصين لهذا الوطن ( المرأة ) من اغترابهِ الداخلي وكسر طوق عُزلتهِ لكنهم في حقيقة الأمر سُراق لخيراتهِ فهم جميعهم بحسب التصريح الواضح للنص "مُستنسخون" جميعهم وبالتالي فإن المُستنسخ لا يستطيع أن يُقدم شيئا نفعي لأنه مُزيف . نُشكل على ( الزيدي ) إقحام شخصياتهِ وإدخالها ضمن دائرة صراع واحدة بمعنى أن تلك الشخصيات ( المرأة والرجل ) لم تُفلت من مُهيمنات حضور السارد/ الكاتب وشخصيتهِ المُحركة للصراع، فلا وجود لأحداث درامية جديدة يُمكن أن تُنتج صراعات جديدة تُثري النص وتُغنيهِ بوصفهِ نصاً تعبيرياً يتكئ بشكل أساس ومحوري على المخزون النفسي والانفعالي للشخصيات التي تجد في الملفوظ الحواري وسيلة للتعبير عن هذا المخزون، وحتى الثُنائيات الموجودة في النص كالحضور والغياب ، المرأة والرجل هي إفراز لمعارك وحروب بوصفها إفرازات تؤسس لفكرة تتماهى مع مشكلات الوجود الإنسانية الكبرى كالحرية والقلق والجوع والوجود والانتظار والتضحية، فنص (الزيدي) يُفضي بتناصاته الواضحة عن تعبيرية واضحة تُعارض الواقع وتنشد التماهي مع التيار الدرامي المعروف بـ( دراما العودة إلى المنزل ) والتي ناشدت التعبير عن عواطف الشخصيات بعد أن غرقت في أتون مشاكل اجتماعية عاصفة بفعل الحرب أو الغُربة ورُغم اقتراب نص ( الزيدي ) هذا مع نص (الجنة تفتح أبوابها متأخرة) لـ(فلاح شاكر) من حيث الشكل (زوجة تنتظر زوجها الغائب عنها) ، لكنهُ لا يقع في فخ (التناص) معهُ في أبعادهِ الفنية والفكرية بل وحتى الأسلوبية  فكان (مُطر صيف) زيدياً بامتياز. ثُمة أسئلة استولدها فعل التلقي لهذا العرض بإشكاليتهِ التي أثارها شكلاً ومضموناً. فإذا تركنا ماهية خطاب العرض من الناحية الفكرية، فهل بالإمكان عدم مُحايثتهِ نقدياً من الناحية الجمالية والتقنية وفق افتراضية أراد العرض تكريسها بفعل مجموعة من اللافتات التي عُبئ بها العرض:المرأة: صبغت شعري وانتظرتكَ لسنين طويلة.. بحثتُ عنكَ لسنين طويلة.ماذا أراد (النصار) أن يقول من خلال هذا العرض؟ هل يُعلن من خلاله تخليهِ عن مشروعهِ المسرحي (مسرح الحرب)؟ وكيف يجد فعل المُغايرة حاضراً ويُمكن إجادته عبرَ عرض مسرحي لجأ إلى الإفراط في استخدام الحوار باللغة المحكية وتهجينها مع الفُصحى؟ ولماذا هذا الإفراط الذي وصلَ حد التُخمة؟ يبدأ العرض مع وجود امرأة أربعينية (مثلتها هناء محمد) تتهيأ لدخول زوجها الذي غابَ عنها 30 عاما وهي دلالة الفترة التي عاشها البلد في ظل حكم النظام السابق على اعتبار أن هذهِ المرأة هي الوطن ذاته. الديكور بسيط بمُفرداتهِ (طاولة _ كراسي _ غُرفة نوم _ مجموعة من الوسائد _ قطعة ملكانة) يُشير إلى باحة داخلية لأحد البيوت، وثُمة إطار/ لوحة كبيرة تعلو المكان عُبئت بأجساد بشرية حيث تم تجسيد ثيمة الاستنساخ التي يُصرح بها العرض عبرَ مكونات هذا الإطار، لكن المُخرج لم يُحسن التعامل مع هذهِ المُفردة ولم يوظفها داخل منظومة العرض البصرية وبالتالي لم تتعدد القراءات لها باستثناء واحدة . ومع دخول الزوج ( مثلهُ فاضل عباس ) يتصاعد إيقاع العرض باتجاه تأزيم الموقف ، فالمرأة تنكرهُ والرجل يُقدم قرائنهُ التي تُثبت أنهُ هو زوجها ضمن دائرة صراع واحدة ( قنينة عطرها _ أُغنيتهما المُفضلة " مثل نجمة والكمر " لسيتا هاكوبيان ) ، لكن طرق الباب ودخول الرجل الثاني ، يُصعبْ المُهمة على المرأة في تحديد أيهما هو زوجها ، ويتكرر ذات الفعل في دخول الزوج للمرة الثالثة مع ذات القرائن وينتج عن هذا التأكيد على أن من ينوي القيام بهذا الدور ( الزوج _ القائد _ السياسي _ المُخلص ) ما هو إلا مُستنسخ فجميع الرجال/ قادة هذا البلد ما هُم إلا نُسخة مُطابقة لمن سبقهم، وهذا ما أراد العرض إيصالهُ، وبالتالي يُمكن قراءة ماهية العنونة وفق العلائقية الضابطة لمسار تحرك الشخصيات بوصفها ( مُطر صيف ) . مما يُحسب لهذا العرض أن المُخرج إستطاع تبني فعل المُغايرة عن أعمالهِ السابقة وهو ما تمثل في مُجمل أنساق خطاب العرض ، كما تُحسب لهُ العودة بالفنانة ( هناء محمد ) كي ترتقي خشبة المسرح من جديد ، وذات الوصف ين

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram