حازم مبيضين لم تعلن القاعدة بعد, مسؤوليتها عن التفجيرات الإرهابية المتزامنة, التي أودت بحياة ما يزيد عن 110 عراقيين, في ما يقارب الثلاثين هجوماً منسقاً بدقة وعناية, ترددت أصداؤها في العاصمة العراقية وشمالها وجنوبها، وشملت الهجمات 13 مدينة، وطالت أهدافا أمنية ومدنية، في هجمة هي الأعنف في بلاد الرافدين, منذ أكثر من سنتين, لم تكونا واحة أمان يستظل بهما العراقيون, بقدر ما كانتا في الشارع انتظاراً لهذه الساعة الحتمية, وعند السياسيين فترة مقتطعة من تاريخ العراق,
للتنازع على امتيازات السلطة, دون أي التفات لحاجات المواطنين التي تفاقمت, في بلد هو الاكثر غنى في عالمنا العربي, والأكثر قابلية للتطور, لو لم تتحكم به عمائم الطائفية, التي تتغذى على الخلافات المفتعلة, لتظل في مواقعها التي تشغلها بغير حق.حزامان ناسفان في التاجي, وقصف بالهاونات ضد قاعدة عسكرية في بلد, وسيارات مفخخة في كركوك, وتفجيرات متفرقة في الموصل, وهجمات مباشرة استهدفت حواجز أمنية في أكثر من منطقة, وصلت إلى النجف الأشرف جنوباً, لترتد شمالاً فتضرب محافظة ديالى, كل ذلك في يوم واحد لتكون مؤشراً واضحاً على هزال كل الترتيبات الأمنية, وعلى أن النوم على حرير افتقاد القادة لقاعدتها, لم يكن أكثر من وهم تشبث به الفاشلون في القضاء عليها, واستئصال جذور إرهابها الذي يستهدف كل العراقيين, بغض النظر عن انتمائهم الطائفي أو الإثني, وقد استطاع هذا التنظيم التسلل من الثغرات الامنية الواسعة, التي لايجدي في ستر عيوبها, تصريحات الناطق باسم حكومة السيد المالكي, حتى وهو ينمق كلماته عن الأمن والأمان, باعتبارهما من منجزات العهد المالكي.كان مفترضاً حين شنت الحكومة حملتها الأخيرة ضد بعض قياديي " دولة العراق الإسلامية " وهذا واجبها, أن تتوقع ردود فعل تنظيم مبني أصلاً على فكرة الإنتقام والثأر, حتى قبل أن يتعهد هذا التنظيم بتكثيف عملياته، بعد تمكنه من العودة إلى معاقله التي كان غادرها، وحتى قبل دعوته المقاتلين العرب للعودة إلى العراق، لخوض حرب الطائفة السنية ضد من اغتصبوا منها سلطتها, وكان جديراً بالحكومة المالكية, لو كانت مفاصلها تدار من قبل رجال دولة, أن تكتشف مبكراً أن الإحباط الناجم عن التباطؤ في إنجاز العملية السياسية, وصولاً إلى بناء دولة الديمقراطية والقانون, سيدفع المتضررين إلى أن يكونوا حاضنة لأي مناوئ لها, بغض النظر عن قشور الطائفية التي يتستر بها إرهاب القاعدة.لم يكن موفقاً المتحدث باسم البيت الأبيض, وهو يعلن من واشنطن, وبعيداً عن رائحة اللحم الآدمي المشوي, أن "استمرار العنف في العراق هو الواقع بالتأكيد, لكن الواقع أيضا هو أن قوات الأمن العراقية تدربت ولديها القدرة على حفظ الأمن", فعن أية قدرات يتحدث الرجل, والقاعدة تتمكن من تنسيق هجمات متزامنة, تضرب بلاد الرافدين من أقصاها إلى أقصاها, باستثناء إقليم كردستان الذي تسعى بغداد لسلبه نعمة الامان, وهو لم يكن موفقاً, حين قارن ما جرى في بدايات رمضان هذا العام, بما كان سائداً من مناخات العنف في السابق, وكأنه كان على العراقيين أن يقبلوا بعنف أقل مقابل تنعم المنطقة الخضراء بأمان أكثر, وكأن على العراقيين القبول باستمرار دفع أثمان غالية من دماء أبنائهم, ليمنحوا الفرصة للطارئين على سياسة الدول, لممارسة صراع الديوك, غير المفضي لغير مزيد من الدم, وصراخ المعجبين بالمبارزة العقيمة. وصلت رسالة القاعدة مغمسة بدم العراقيين في شهر التوبة والغفران, وبما يؤكد انتفاء علاقة هذا التنظيم الظلامي, بالدين المبني على العدل والتسامح, لكن السؤال الذي نعرف أنه سيظل دون جواب, هل هناك من يقرأ؟.
في الحدث :وصلت رسالة القاعدة.. هل هناك من يقرأ؟
نشر في: 26 يوليو, 2012: 04:35 م