TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > السطور الأخيرة: مسرح الجدّ.. مسرح العبث

السطور الأخيرة: مسرح الجدّ.. مسرح العبث

نشر في: 26 يوليو, 2012: 05:17 م

 سلام خياط حين يتجاوز سعر جرعة الماء ثمن رطل من الدم المسفوح.. لا بد من حومة الشبهات. كثيرون تجرأوا وأعلنوا للملأ بوجيز العبارة وفصيح اللغة، أن ما سمي بالربيع العربي، الذي بدأ باكرا في العراق لتصيب بروقه ورعوده دول المنطقة، مشهد رسمت تفاصيله بالمسطرة  والبركال، ولم تتر فصوله بالصدفة ولا بصروف القضاء  والقدر، ولا بفعل فاعل مجهول تقديره (هو).
من يتابع مشهد الخراب والدمار الذي حاق ويحيق بالمدن السورية وسكانها الأبرياء، المرعوبين، الهاربين من الجحيم نحو مجهولية  جهنم، يستدعي – بحزن دفين –صورة مماثلة لما جرى بأرض العراق  وساكنيه. وما حدث بليبيا وسكانها، بالأمس القريب، وما سيحدث في إيران غدا، والحبل على الجرار، والآتي أعظم.من يجازف ويزيح جانبا من الستارة، ويسمي الأشياء بأسمائها ويرفع النقاب عن وجوه من يحرك خيوط الدمى لتؤدي دورها على المسرح، ويومئ لدور الملقن، وأوامره في ما يقال وما لا يقال، سيوصم بوصمة المرضى المنتمين لنظرية المؤامرة، ويا ويله وسواد ليله من يرفع عقيرته بالسؤال المنطقي : لماذا  تقوض صروح حضارية وتعاقب شعوب بالملايين بجريرة حكامها الأفراد وحواشيهم؟؟لم يجر  التخلص من صدام  بعد انتهاء دوره وجاهزية صلاحياته للحكم، بل ترك للحصار الجائر أن يؤدي دوره البشع بعموم الشعب:  رعبا وتخريبا وجوعا وتشريدا وشظف عيش.  ولم ينحر القذافي كالشاة  في أول شطط صبياني وإدانات دولية عديدة، بل عوقب شعب بأكمله بالمحافظة على القذافي معتليا عرش السلطة، وتشجيعه على المزيد من العبث (والشواهد مصورة). كذلك الأمر في اليمن ومصر وتونس وسوريا، و.. ,..هل تنطبق نظرية الجبرية على الحكام الدمى؟؟ بمعنى هل الحكام في دول العالم الثالث، لا سيما المتربعين على عرش الطاقة:  النفط والغاز  والشمس،والموقع الجغرافي، مسيرين أم مخيرين؟؟، سؤال لا  تستعصي الإجابة عليه لمن يملك قدر حبة خردل من الوعي.قد يبدو الدخول لحلبة السلطة والتربع على كرسي الحكم، ميسرا، لكن  الترجل عن الكرسي والخروج من الحلبة سالما معافى، فذلك من باب المستحيل.ماذا يلقن الحاكم في هواتف بعد منتصف الليل؟؟-- اثبت، قاوح (قاوم بوقاحة)، نحن من نسند صدرك وظهرك، ما عليك من الغوغاء، الشبيحة، الجرذان، العقارب، تشبث بنواصي الكرسي، واترك علينا الباقي.. لايهم إن نهب متحف أو نسفت بناية أو احترقت مزارع أو هجرت عوائل نحو المجهول، أوتعفرت الشوارع بزكي الدماء، ما دام السيناريو المرسوم ينفذ بالحذافير. لماذا لم يستقل مبارك وهو يرى النيران تقترب من مضجعه؟ لأن الملقن زين له البقاء، فباب المغادرة موصود. لماذا لم يتنح القذافي؟ لأن الملقن أوهمه أن الجماهير المنادية بسقوطه ما هم إلا مجموعة جرذان. لماذا  يسمل   الأسد عينيه عما يجري وهو طبيب عيون؟! المتربعون على الكراسي، يدركون قبل غيرهم، أنهم رقاع شطرنج،  وأنهم كماشة نار،في أكف ضارية،  أدخلوا للساحة بإرادتهم  المغيبة، وسيغادرونها – رغم إرادتهم  - حين يأزف الوقت.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram