TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > بغداد.. والنهر

بغداد.. والنهر

نشر في: 27 يوليو, 2012: 05:31 م

هشام منير *كتب، مؤخرا، د. خالد السلطاني مقالا بعنوان "بغداد تلك ..الصور المنسيّة"،  وقد أثار أطيافا كثيرة تؤكد الافتقار إلى الوثائق الحقيقية، الصحيحة والمناسبة في التسلسل التاريخي لإظهار التطور المعماري التاريخي في المراحل المختلفة في مناطق بغداد وما حولها.
 كما نشر المعمار  نفسه مقالا آخرا حول الكتاب الهام للدكتورة غادة السلق، الذي أرى أنه  عمل رائع. إني اشعر بالحاجة إلى إبراز وإظهار أحد العناصر الهامة في المدينة والذي يشكل قوة دافعة ومحفّزة ليأخذ الأولوية، وليكون أولوية في اعتبارات التخطيط الحضري والمدينة ككل. إنه نهر دجلة وهو قلب المدينة، إن بغداد دون هذا النهر الذي يكمّلها هي مدينة بلا قلب. إن دجلة الخير هو المَعلم التاريخي العظيم الذي يحيي ذكرى خلود ما بين النهرين.  إن دجلة الخير جزء أساسي من بغداد في جميع مراحل تاريخها، في فترات ازدهارها عندما كانت المركز الثقافي في العالم ، وفي فترات الأحداث المأساوية حيث كانت إحدى المدن التي عانت الاحتلال أكثر من غيرها في العالم. إن دجلة الخير هبة مقدسة للعراق، ووديعة على العراقيين أن يجلوها ويحترموها ويفتخروا بها على مدى تاريخ وادي الرافدين، ميسوبوتاميا) في الكتب والقصص والحكايات.( لقد دعت لجنة التراث في اليونسكو )  منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم ( إلى إنقاذ التراث العالمي لنهر دجلة في بلاد ما بين النهرين.  إن النهر يعاني من السدود التي أقامتها عليه الدول المجاورة وأخرى غيرها قد قطعت وأغلقت الروافد التي تغذي دجلة، وبذا خفضت منسوب مياه النهر. إن في بغداد اليوم، ونتيجة لما تقوم به الدول المجاورة، مناطق يمكن أن تقطع النهر فيها سيرا ً على قدميك. كما أن هناك متجاوزين على النهر وأكتافه بقيامهم بملئها وخلق جزر فيه . إن هذا وضع رهيب ومأساوي يزيد من المشاكل التي يعانيها النهر . إن ذلك كله يتطلب وضع لوائح وتعليمات ولا بد من تنفيذها في الحال لوقف تلك التدخلات والحيلولة دون وقوعها على ضفاف النهر.إن إعادة إحياء دجلة الخير والحفاظ عليه، هو الواجب الأهم والأكثر إلحاحا اليوم، ويجب أن يكون أحد بنود خطة بغداد الكبرى.  إن عملا كهذا ضروري لخدمة الشعب ككل، وسيكون أساس تنوع معالم المدينة الثقافية والترفيهية وغيرها.وأرى أن من الضروري الآن، لفت انتباه الحكومة وضمائر الناس إلى هذه القضية خاصة أن هناك دراسات يمكن استخدامها كمرشد ودليل. إن أمانة العاصمة قد أصابت في دعوتها مستشارين لتقديم دراسات لتطوير ضفتي النهر. وأعتقد أن إعادة إحياء النهر نفسه له الأولوية نظرا لكونه المَعلم الأول في بغداد الكبرى.وبداية، إن المهمة الأكثر إلحاحا التي يجب القيام بها في الحال لإعادة الحياة إلى دجلة الخير ، هي البدء في تطوير ضفتي النهر. لقد قام مكتبنا في الماضي ببناء الكثير من البيوت على النهر، وكنا نتصل بدائرة الري لتزويدنا بالمعلومات المطلوبة حول المستويات الآمنة للفيضانات في المواقع المختلفة.  وكانوا أيضا يحددون مقدار عرض النهر حسب ما وضعته دراسة أجنبية كانت إما فرنسية أو هولندية ، وكان الهدف من ذلك الحفاظ على مستوى مجرى النهر ثابتا. وقد بدأت أعمال التنظيف ورفع الوحل من قاع النهر، ولكن الحروب حالت دون استمرارها، ويجب أن تعود مهام التنظيف هذه لتشمل المدينة كلها على ضوء الخطة الرئيسية التي قام بإعدادها مستشار ياباني لبغداد الكبرى. وعندما كان المعمار رفعت الجادرجي مستشارا لأمين العاصمة، دعا عددا من المستشارين العالميين لدراسة واقتراح تطوير ضفة النهر من شارع أبي نواس حتى الجسر المعلق، ولتشمل الدراسة، التطوير والحفاظ على منطقة  البتاوين حتى شارع السعدون كجزء متمم للدراسة، مع العلم أن لشارع أبي نواس طبيعته المتميزة من تاريخ بغداد.لقد تم تكليف مكتبنا بالاشتراك مع "آرثر إريكسون" الكندية،  لتقديم دراسة عن المشروع.  وهنا أريد ذكر أن مشروع تطوير النهر قد أخذ في الاعتبار تعليمات دائرة الري بكافة أوجهها لأهميتها في الحفاظ على حجم وسعة النهر والتي تهدف إلى إنشاء سد لتثبيت مستوى النهر من جوانبه وعلى ضوئها يتم تطوير ضفتي النهر وتهذيبهما.  إن معظم عواصم العالم تهتم  بإظهار نهرها  ليصبح  عنصرا مهما من معالم المدينة. إنه كنهر النيل في القاهرة الذي يبقى ويحافظ على مستواه ثابتا،  إضافة إلى ما يقدمه للمدينة وسكانها من خدمات ترفيهية، إنه أحد المعالم السياحية لارتباطه بتاريخها كما لدجلة ببغداد. إن تطوير ضفتي النهر يعطي النيل بهاءً وروعة، ويجب أن نكون قادرين على القيام بما هو أفضل من ذلك نظرا لما تتيحه لنا التقنيات الحديثة.إن ذلك كله سيكمل وضع العراق كأحد البلدان الجذابة في العالم ،صاحبة المعالم الأثرية التي تغطي مساحات واسعة فيها وخاصة بغداد، مذكرا بوادي الرافدين التاريخي.  إن اسم بغداد بحد ذاته هو أحد عوامل الإعجاب.* مهندس استشاري، وأكاديمي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram