قيس قاسم العجرشسنحاول أن نلوي عنق الواقع كي لا نستحي من الحقيقة المخجلة جداً،لنفترض أن الطائفية جاءت مع الظروف الغرائبية التي مرّت بالعراق، يعني أنها منتج مستورد.وكذلك سننسى أننا أفطرنا صباح يوم الانتخابات على طبق طائفي دسم جداً جعلنا نترنح ونتقيأ دماً منذ تلك الساعة المصابة بالصرع إلى يومنا هذا.
وسنزيل من ذاكرتنا،أو ما تبقى منها،صورة ضِباع الطائفية وهي تتجول برائحة أفواهها العفنة بعد وجبة دسمة من الحماسة السينمائية أنتجت"يوتيوبات"خالدة.موروث لا يمحى من الأفلام أقلها وحشية يظهر به شباب يُحرقون تحت صيحات دولة العراق الإسلامية بالتوحيد والتكبير لله سبحانه!.أو كواتم يحملها الأمير بيده ويسبح لله باليد الأخرى والنتيجة 400 ألف جثة من ذوات البراغي قياس 17.سنفترض أننا لم نسمع بالطائفية وانحيازاتها وجدلها الذي يـُربى كثير من العراقيين عليه منذ بواكير كلمات ..بابا وماما ودادا....طائفية ...لنتجمّل ونقول إننا لم نسمع بها ،لا في زواج ولا في مجلس مليشيا ولا في جدل مقهى معركة عشائرية ولا حتى عبر أداء طبقة سياسية حلبت الطائفية حتى من أنفها.وسنفترض أيضاً أن السنة والشيعة في العراق إنما هي "أطياف متآخية" تمثل "شـّـدة ورد" وتكوّن لوناً واحداً اسمه العراق يغطي على كل الهويات الفرعية وإن فينا ملاكاً صغيراً يقول دائماً كلما اجتمعت القوى السياسية ،يقول لنا ولهم، إن العراق أولاً.سنفترض..... كل هذا..ما أصعبها من فرضية ..ونتفرج على سوريا.سنشاهد أناسا من هذه الطائفة يضعون كل العراق على كف عفريت الطائفة الأخرى وسيكرهون أن يقال لهم إنهم"اصطياف"إذ لا ضوء عندهم يحتاج إلى طيف إنما كل منهم سيبحث عن درهمه المفقود بعين واحدة بينما فقئت الأخرى بيد دجال طائفي بامتياز.سنتفرج على سوريا، ماذا سنشاهد؟ سنشاهد علويين وضعهم حظهم العاثر أمام خيار واحد لا تثنية فيه أبداً ، سيحملون السلاح دفاعاً عما تبقى من أنفاسهم، ربما ستكون مذبحة جديدة للأرمن بنسخة علوية.هؤلاء يكونون 16 بالمئة من شعب سوريا ساقت الأقدار زعماءهم ليستولوا على السلطة قبل أربعين عاماً ولأنهم "أقلية"فقد سعى هؤلاء الزعماء إلى الحكم باسم القومية أولاً، فكانت سوريا عربية(من باب التغطية على التفرد الطائفي للعلويين )قبل أن تكون "سوريا"أولاً.هل كان اختياراً للعلويين المطاردين الآن؟..، أشك في ذلك.ماذا سنشاهد أيضاً؟....سنشاهد جيرانا بمواقف مخزية لا تفترق كثيراً عن حفلة العرس التي سمعني طبلها وزمرها أثناء مجالس الفاتحة التي غرق العراق بظلامها في العهد الطائفي الممتدة ذيوله إلى يومنا هذا.سنشاهد سوقاً انتهازيا بمعنى التفصيل والإجمال للانتهاز يلعب على آلام الآخر ودمه وعظامه طالما خدم الطائفة.الانتهاز لم يأت هذه المرّة من الموروث أو الأمراض الاجتماعية التي تنتقل بالعدوى من جيل إلى آخر ،هذه المرة كان حامل الفايروس حكوميا بامتياز، أي سفور لقباحة الوجوه نتحسسه في هذه اللحظة الطائفية؟ ماذا سنشاهد أيضاً؟...شعب سوري مغلوب على أمره تمكن بثمن فادح أن يكسر حاجز الصمت مع سلطة بعثية لها كل ما للبعث من خصائص ومعيب جداً ان ننسى البعث العراقي هنا،ومع ذلك فالقطط الإنتهازية التي تربصت بالتجربة العراقية أدارت الأعناق هذه المرة تجاه الشام ، إنها ثمرة أينعت للقطاف..لكن بيد طائفية.ماذا سنشاهد أيضا؟...أزمة هي الأطول لحد الآن من بين مواسم الربيع العربي ومع ذلك (بلا غرابة)نجد أن حكومتنا لم تحسم موقفها المختلط المضطرب من الدكتاتورية السورية إلى الآن، لا هي نأت بنفسها وسكتت ولا هي ساندت الأسد المحتضر احتضارا بشعاً مستمراً.منظومات الدفاع بالنيابة تتقافز تنثر المال والسلاح ،علها تفلح في خلق رعوية مليشيوية طائفية ترصف طريق الدم الطائفي المستمر..سرقة الثورة السورية قد شرع بها منذ زمن.بعد أيام قليلة سيصبح بشار الأسد والمنظومة التي كان جزءاُ منها في المنطقة من الماضي وستبقى الذاكرة فقط ...ماذا سنتذكر؟سنتذكر أن حكومتنا وجهت الاتهام بوضوح إلى سوريا بشار بالوقوف وراء تفجيرات 19 آب عام 2009المتزامنة مع معمعة التطبير العراقي من أجل المناصب، وبعد أن استتب الأمر لرئيس حكومتنا بالغلبة أرسل وفداً برئاسة الشيخ الزهيري(وهو قيادي في حزب الدعوة فقط)للقاء المسؤولين السوريين وتطبيع العلاقات وتبويس اللحى(الحليقة والمطلقة) ،كان ذلك في أيلول من العام التالي، الغريب أن الوفد كان برئاسة حزبية مع ذلك ضم وزراء بين جنباته وخرج ليقول إن العراق يقف بالضد من المؤامرات التي تهدد استقرار سوريا ، وقتها كانت درعا تستغيث من سكاكين الشبيحة وامتلأت سجون النظام السوري بالأطفال والشباب واليوم"المتآمرون"كما أسماهم الخطاب العراقي المتصالح حديثاً آنذاك،سيطيحون بالذي سبق أن"تآمر"على العراق وورط نفسه بدعم الإرهاب.سنتذكر أيضاً أن الموضوع السوري (كما الحال العراقي)كانت لطخة الطائفية قد لوثت كل أوراقه الحاضرة أينما تم تناوله سواء في الرياض أم الدوحة أم دمشق أم إسطنبول أم ..مع الأسف في بغداد.بغداد المكتوية بالأصل من ألم رميها بالطائفية والمخنوقة بسبب المواقف الطائفية تجاهها
فياغرا طائفية
نشر في: 27 يوليو, 2012: 05:34 م