TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > شناشيل :ثقلاء شارع المتنبي

شناشيل :ثقلاء شارع المتنبي

نشر في: 27 يوليو, 2012: 09:53 م

 عدنان حسين مثل ماء دجلة، يتدفق رواد شارع المتنبي على شارعهم من غير انقطاع كل يوم جمعة، وهم مئات من المثقفين وآلاف من هواة القراءة الرصينة. وإذ يضيق الشارع بهم وبعارضي الكتب على الأرض، يتمدد سوق الكتاب إلى شارع الرشيد حتى نهايته الشمالية عند ساحة الميدان.
مشهد الشارع برواده لا يخلو من مظاهر قدسية، فثمة وقوف عند العناوين المُصطفّة وتأمل في الصفحات المُتصفحة وحوارات بين الباعة والمشترين بِشأن المضامين، فضلاً عن التحايا والأشواق المُتبادلة بين الماشين في الاتجاه نفسه أو المتقابلين وسط الشارع أو عند الباعة.منذ بضعة أسابيع راح هذا المشهد المهيب يتعكّر ويتشوش و"تتخربط" تفاصيله بكثرة، فثمة رواد غرباء يجتاحون الشارعين على طريقة أفلام الويسترن، وبخاصة الكاوبوي. وهم في الغالب ليسوا مثقفين ولا من متذوقي الثقافة، اذ لا يمرون بشارع المتنبي ولا يكونون جزءاً من المشهد القدسي. هم عادة مسؤولون حكوميون أو حزبيون يركبون السيارات المدرعة التي يخفي ركابها أنفسهم خلف الزجاج الأسود.. يأتون في مواكب تتضمن عربات مسلحة، همر وسواها.. هذه المواكب تسير في شارع الرشيد، قادمة من ساحة الرصافي، كما لو أنها على طريق محمد القاسم السريع.. وبالطريقة الفجة نفسها تنعطف يساراً عند مقهى الزهاوي، ثم يساراً أيضا باتجاه مبنى القشلة.. ولا تنتهي حركتها الا عند باب النادي الثقافي البغدادي (مبنى المحاكم المدنية سابقاً) المطل على دجلة. لهؤلاء الغرباء على شارع المتنبي وعالمه الجميل أنقل مشاعر من أعرف من باعة الكتب ومن رواد الشارع: أنتم غير محبوبين منهم.. غير مرحب بكم في هذه المنطقة لأنكم تعكّرون صفو الأجواء القدسية هنا. مواكبكم، بهدير محركاتها وهي تسير مسرعة وبأصوات أبواقها الصاخبة، تزعج الناس .. عصفات الغبار التي يثيرها مسير مواكبكم يتلوّث بها المكان، بكتبه وباعته ورواده.. مرافقوكم المسلحون يتعاملون مع رواد الشارع بفجاجة كما لو أنهم في ساحة حرب وليس في محراب للثقافة.انتم لا تقصدون الشارع لشراء الكتب أو للمشاركة في الفعاليات الثقافية التي تنظمها مؤسسة المدى والنادي الثقافي البغدادي.. أنتم ضيوف ثقلاء تجيئون في بعض المناسبات من أجل "الكشخة" أو المجاملة فحسب. وجودكم لا يُغني بشيء الفعاليات التي تحضرونها.أفضل لشارع المتنبي ورواده الا تجيئونه أبداً. ولكن لا يمكن لأحد أن يمنعكم، فلكم الحق في ارتياد الشارع كما لغيركم، وأنتم فوق هذا مدججون بالسلاح، ومن يُخاطر بالاعتراض على وجودكم؟عندي لكم اقتراح يجنّب شارع المتنبي ورواده إزعاجاتكم، ويجنّبكم أنتم المشاعر السلبية المتولدة عن مروركم الثقيل بالمنطقة.استعملوا النهر، دجلة، في الوصول الى المركز الثقافي البغدادي الذي لا يبعد عن حافة النهر والمرسى الكائن هناك الا بـ 40 أو 50 متراً .. تعالوا اليه في قوارب أو يخوت من المنطقة الخضراء أو حيثما تسكنون.. تعالوا خلسة عبر النهر "ولا من شاف ولا من دري" على رأي أخواننا المصريين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram