TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية: الخطر الكيمياوي حقيقي

أحاديث شفوية: الخطر الكيمياوي حقيقي

نشر في: 27 يوليو, 2012: 09:56 م

 احمد المهنا عندما كان صدام في عز قوته، عام 1988، قصف نحو 60 بلدة وقرية وموقعا كرديا بالسلاح الكيمياوي. يومها لم يكن السلاح الكردي يشكل تهديدا مباشرا لحكومة بغداد. لكن الدكتاتور شاء أن يضع نهاية للتمرد الكردي المسلح. فحقق له الكيمياوي ما أراد، لأنه جعل التمرد مستحيلا، ولو كان في أعالي الجبال. فهذا سلاح واصل وماكن وشامل الدمار. وكانت تلك هي المرة الأولى التي يسجل فيها التاريخ استخدام حكومة للسلاح الكيمياوي ضد شعبها.
واليوم تحيط بسوريا أشباح واحدة من اشد المحن وحشية. وقد انطلق الحديث عنها، وانتشر، وغطت سحابته العالم، مع الاعلان عن نقل النظام السوري اسلحته الكيمياوية من مواقع خزن الى أخرى. وربما أراد الناطق الرسمي للحكومة تهوين الخطر، لكنه ضخمه، عندما قال ان هذا السلاح يستهدف عدوان الخارج، نافيا امكانية توجيهه الى الداخل.ذلك ان مجرد تأكيد امكانية استخدام الكيمياوي يجعل الخطر حقيقيا. وليس على الخارج وانما على الداخل. فليس لدى دكتاتور سوريا اليوم ما يفعله في الخارج. كل شيء عنده من أجل معركة الداخل. ان سلطته أمام تهديد مباشر وحقيقي وشامل، وممتد في الداخل من أقصى أطراف البلد الى عتبة القصر الجمهوري، وفي الخارج من أقرب جار الى ابعد دولة. لقد التمَّت أغلبية الداخل عليه وتابعتها أغلبية الخارج.ولم تكن هذه هي حال صدام عندما استخدم سلاح الدمار الشامل. كان يفعل ذلك "ترفا"من أجل "الهيبة". هيبة السلطة. وهذه لم يعد لها محل من الإعراب في سوريا. حيث انتهت هيبة السلطة وأصبح موضوع الخطر هو فقدان السلطة. والسلطة هي كل شيء عند الدكتاتور. دنياه ودينه. وهو لم يصل اليها ويتمتع بها الا باستعمال القوة في الهجوم. الدكتاتورية قوة هجومية من حيث الولادة والتكوين والعمل. قوة عنف ضد المجتمع. قوة تعمل 24 ساعة في اليوم لفرض طاعة المجتمع، والتحقق الدائم من براهين ولائه، والعقاب المتواصل لحالات الشك في الاخلاص أو "ارتكاب الخيانة".ان الشعب هو ميدان عمل قوة الدكتاتور، والمجتمع هو مسرح كل أجهزة وأدوات عنفه. ولقد خسر العنف الكثير من تأثيره اليوم في سوريا. فنجاح الدكتاتورية يتوقف على جعل آثار العنف كاملة في المجتمع. والآثار الكاملة هي الطاعة التامة للمجتمع. ولكن معظم الشعب السوري خرج الى فضاء الثورة او التمرد. وحوَّل الدكتاتورية من قوة هجومية الى قوة دفاعية. ولاشك في أن هدف بشار الأعظم اليوم هو استعادة فاعلية العنف. طالما ان خياره الأمني هو الوحيد في مواجهة الثورة فإن مطلبه الوحيد هو استعادة فاعلية العنف. ولكن كل اشكال العنف المستخدمة لم تنجح في تحقيق هذه الغاية. انها على العكس أدت الى اتساع دوائر الثورة. وقد يبدو للدكتاتور انه ليس هناك أمل لتفعيل العنف دون زيادة عياره الى مستوى السلاح الكيمياوي. والدكتاتور العربي أثبت مرارا أنه يعمل خارج الأخلاقية، خارج قيم الخير والشر، وخارج كل الحدود. لا يوجد أمامه حاجز أخلاقي. ولكن ماذا عن الحلفاء روسيا والصين وايران؟ كيف يمكن لبشار تجاوز هذا الحاجز أو الاحتيال عليه؟ وهل يتحمل عالم اليوم تجديد كارثة صدام حسين؟ان الخطر الكيمياوي في سوريا حقيقي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram