TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :القارئ الطائفي

سلاما ياعراق :القارئ الطائفي

نشر في: 28 يوليو, 2012: 06:22 م

 هاشم العقابي من واجبنا، نحن الكتاب، أن نحترم قراءنا. وهذا ليس فضل منا لأننا نعرف أن الكاتب من دون قراء تتعطل رسالته وبالتالي لا فائدة أصلا مما يكتب. لكن هذا الاحترام، الذي هو ضروري وواجب إنساني قبل كل شيء، صار وللأسف سلاحا بيد السياسيين وخاصة المفسدين ليخلقوا طبقة من مناصريهم وأتباعهم يلبسونهم لباس "قراء" يحاربون بهم الأقلام التي تتصدى للفساد ولظواهر القمع والاستبداد.
لقد انتشرت بفضل الانترنت طبقة غريبة من القراء الملثمين بلثام الطائفية والعنصرية والتحزبات العقائدية. بعضهم مثل ضباط الأمن الصدامي قد درب تدريبا منهجيا على استخدام لغة التسقيط. صار هذا البعض لا يعرف غير لغة الكلام البذيء وإلصاق التهم بالكتّاب والناس، فيصف شعبا بأكمله بأنه ساقط أو يصف بلدا برمته بأنه إرهابي من دون أي دليل. ومن خلال متابعتي بعض الردود التي ترد تحت ما أكتبه أو مايكتبه غيري من الزملاء، تنبهت إلى نوع من القراء لم أجد غير أن أصفه بـ "القارئ الطائفي". وان كانت الحكومات ومنها حكومتنا بالذات، لم تنجح باستقطاب كتاب مرموقين للتطبيل لها وتبرير فشلها الذريع في توفير ابسط الخدمات ومقومات العيش الآمن إلا أنها يبدو قد نجحت، في إيجاد شريحة من القراء يتسترون تحت ما يسمى "بتعليقات" أو "ردود القراء" لتستغلهم في الضحك على ذقون البسطاء من الناس بدغدغة عواطفهم الطائفية. ولحاجة الحكومة "الماسة" لهؤلاء وفرت لهم مواقع على الانترنت هدفها الأول والأخير هو بث النعرات الطائفية البغيضة من خلال محاربة أي نفس مضاد للطائفية حتى لو كان من أبناء طائفتهم.وان قالوا في الأمثال "قد يفوتك من الكذاب صدق كثير"، فان هذه المواقع لا يرتجى منها  خيرا للبلاد والعباد مهما تفنن أصحابها باستخدام الألفاظ والحكايات المفبركة. إن اللعب على وتر الطائفية من خلال تجييش هذا الصنف من القراء هدفه غسل أدمغة البسطاء من أبناء الطائفة ليروا في ظالمهم منقذا وسارقهم نبيا. النتيجة المحزنة والمخيفة أيضا هي أن يقتنع الإنسان المسكين أن الحاكم ما دام من طائفته فيجوز له ما لا يجوز لغيره حتى لو قتله.كتبت مرة محملا ماسك الملف الأمني بيده، وهو رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة كما تعرفون، مسؤولية الإخفاق في حماية زوار الإمام الكاظم. وقلت إن من واجبه، الذي يستلم عليه راتبا، أن يحلل خبزته وان يفكر بحماية هؤلاء الزوار الشيعة قبل عام من يوم الزيارة، لان الإرهابيين يخططون لقتلهم في مثل هذا اليوم من كل عام. وان كان القارئ المنصف قد تفهم وأيد ما ذهبت إليه لكن القراء "الطائفيين" المتفرغين للدفاع حتى عن جرائم السلطة وليس إخفاقاتها فقط، ردوا وكأن القتل لا يعني شيئا. قال احدهم: "لماذا تضع اللوم على المالكي ولا تنتقد بارزاني"؟!كتبت له أجبني قبل أن أجيبك: هل الإمام موسى الكاظم كردي؟ وهل  مرقده الشريف بأربيل أم بالكاظمية ببغداد؟ ثم لو أن كاتبا كرديا انتقد سياسة حكومة الإقليم أو انتقد بارزاني شخصيا فهل سنجد في الكرد من يقول له لماذا لا تنتقد المالكي؟!" وكعادة هؤلاء لا يجيبوننا، إلا بعد أن يستفتوا من وجّههم. لم يجبني لكنه سألني: كم دفع لك بارزاني كي تكتب هذا المقال؟! حسبي الله.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram