TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قناديل: خراب الثقافة بداية موت الديموقراطية

قناديل: خراب الثقافة بداية موت الديموقراطية

نشر في: 28 يوليو, 2012: 06:37 م

 لطفية الدليمي القسم الأول الثقافة والتعليم هما حجر الأساس في بنيان  كل بلد ومرآة تقدمه وحيوية شعبه وتقدم انتاجه الصناعي والزراعي ايضا، وتولي الدول المتقدمة الاهتمام الأكبر في التخطيط  للتعليم والثقافة قبل التسلح وشراء الطائرات المقاتلة ،ذلك ان  بلوغ  الديموقراطية بصيغتها  الضامنة للحقوق والحريات  لا يمكن تحقيقه  بل يستحيل بلوغه  إذا ما أهملنا الثقافة بفروعها المختلفة  فليس بإمكان المرء أن يصبح مواطنا جديرا بلقب المواطنة ولا ناخبا مسؤولا
 ويمنح صوته  لسياسي مرشح  ما لم  يكن قادرا على اتخاذ قراره بوعي كامل ومسؤولية ، يقول أمين معلوف في كتابه ( اختلال العالم ) - إن سلّم قيمنا لا يمكن أن يُبنى اليوم  إلا على أولوية الثقافة  والتعليم وان القرن 21 - سوف ينقذ بواسطة الثقافة أو يغرق نهائيا بدونها، وان الخلل الذي ينتاب  عالمنا  يستلزم تبني سلم للقيم  يؤسس على أولوية الثقافة و حتى يؤسس على الخلاص الإنساني عبرها . ونلاحظ  في العراق اليوم تفشي  علامات الخراب الثقافي  والتردي  الشامل للفنون  والثقافة الشعبية  وانحسار دور الكتاب لصالح  الإعلام  الركيك الموجه  وإحلال أشخاص غير أكفاء في مواقع التعليم والثقافة، ويمكن تأشير أسباب رئيسية للخلل الثقافي الراهن  وأعني بالثقافي (جميع فروع الثقافة: الآداب والعمارة  والموسيقى والغناء والفن التشكيلي والمسرح  والسينما والفنون الشعبية والحرف الشعبية  والأزياء وفنون الطعام ).  السبب الأول :   غياب رؤية متكاملة  وبرنامج  مستقبلي للشأن الثقافي   لدى الممسكين  بمقاليد الحكم وبضمنهم وزارة  التعليم العالي ووزارة التربية ووزارة الثقافة ،فهم  يضعون التنمية الثقافية والتطوير المنهجي لفروع الثقافة  في أسفل  قائمة  اهتماماتهم بل ويسخر بعضهم   مما هو حضاري وفني  وإبداعي في الحياة   ويستبعدون الثقافة  لإقرار مضمر بخطورتها - على  برامج القوى الحاكمة وتوجهاتها. المتمثلة بهيمنة فهم  متشدد  لمقومات الحياة المعاصرة وتحكم الانغلاق الفكري والعقلية  الماضوية  في رؤية الكثيرين منهم..وثاني الأسباب: تفتقر السلطات  السياسية في رؤيتها التعليمية الموجهة من قبل الأحزاب الحاكمة الى المسؤولية التاريخية  فلا تفكر بمصلحة البلاد المستقبلية بل  تحصر اهتمامها في خدمة التوجهات الحزبية  دون اعتبار للعراق ككيان شامل متكامل، فتقصي من مواقع التدريس في الجامعات العراقية العريقة معظم الأساتذة ذوي الخبرات  المتراكمة  والتجارب العريقة في مجال تخصصهم وهم من يعدون بمثابة خبراء ومستشارين في تقييمات البلدان المعتدلة  والديموقراطية وتستقطبهم  الحكومات لرفد الجامعات  بخبراتهم وبحوثهم سواء في مراكز الدراسات  والبحوث أو كمستشارين في التنمية الثقافية -  لترتقي بعطائهم  خبرات  الأجيال التالية من المدرسين كما يقدم العلماء منهم بحوثهم العلمية  لمواجهة  تحديات التنمية والفقر ونضوب الموارد الطبيعية كالماء والمعادن  وتردي الزراعة والخدمات الصحية في العراق.ثالثا:    صعود وتيرة النهم الاستهلاكي لدى طبقات معينة متحكمة بثروات البلاد  ومعها طبقة الموظفين الكبار ورجال الأعمال والطبقات الطفيلية   المستفيدة من تفشي الرشوة والفساد الإداري وشيوع  قيم الاستهلاك  المفرط والتباهي بالسيارات والمقتنيات لإشباع حرمانات مزمنة – مما يصرف هذه الفئات عن متابعة تنمية شخصياتهم وثقافتهم والتمتع بالفنون الراقية ومعطيات الثقافة المعاصرة فتراهم يروجون للفن الهابط  ويهللون للتهريج والغناء المبتذل نتيجة تردي الذائقة التي أتلفها الجشع الاستهلاكي المفرط.رابع الأسباب -  وأهمها هو أن البلدان المتخلفة وفي مقدمتها العراق -تعمد حين تغيير نظام الحكم السياسي فيها - إلى إلغاء كل ما سبق لحظتها وتضع نتاج قرن كامل من فنون وعلوم وآداب في سلة واحدة لترميها في بحر العدم لتبدأ من نقطة الصفر دون اعتبار للخبرات المتراكمة ومعطيات البحوث العلمية ومنجزات العلماء والباحثين وسواهم..( يتبع )   

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram