TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > فـي الشـوارع المدلهمـة بالفقـر

فـي الشـوارع المدلهمـة بالفقـر

نشر في: 28 يوليو, 2012: 06:39 م

(2-3) ياسين طه حافظهذا كشف نسوي، صرخة. لكنه يفتقد الثورية، يفتقد الاحتجاج الايجابي- الهجومي كما تريد الحركة النسوية المناضلة والتي تصارع الانظمة والمؤسسات في العالم. المرأة هنا ما تزال تتضاجع في إناء استجدائهابراعة التعبير وقوته لا تغيران من حقيقة الإقرار بالواقع. والاعتزاز الانثوي في النص منكسر في داخل قائلته وهي ما تزال في مرحلة استرضاء الذكر وتزييف الحاجة. انه الاعلان تحت وطاة الهيمنة:
باذخة الجمالوعطرها يفوح.يتأوّه الرجال على بابها.وفي داخلهاتموء دون توقفهريرة جائعة.هو صوت المرأة الشرقية الذي عرفناه والذي يماثل صوت الغربية قبل بدء الحركة النسوية. هو الصوت الذي رفضته الحركة وتمكنت من التحرر منه لتبدأ في المطالبة الواسعة والمنظمة بالخلاص من الضغوط الاجتماعية الكثيرة، بحرية الجنس وحرية الانجاب... الخ التضاد واضح وقاس في الخطاب: يتأوه الرجال على جسدها وفي داخلها تموء هريرة جائعة.. رغبة معلنة ورغبة مقموعة لا يعرف بها احد غير صاحبتها. هذا واقع النساء الشرقيات بخاصة الجميلات اللائي يتشاههن الرجال وهن يتابين تحت واقع حرماني يسنده نظام صارم.مسالة غير منطقية بالنسبة للحياة. كل الحيوانات لا تعاني من هذا التضاد، القطة، العصفور، الصرصر، حيوانات الغاب.. ميزة الانسان العقلية والتنظيمية موكل اليها وضع الامور بحال منظم ومحترم افضل. مطلوب اعادة القوانين اعادة تنظيم الحياه لما يحترم الانسان... المجتمع بنظامه الحالي قسم الوضع إلى اثنين محرومين، كل في جهته، الرجل يتشهى والمرأة مقموعة عن الاستجابة.والقوانين المنظمة ذكورية اضطهادية ما حقه لمزايا الطرف الثاني الخاصة. الفكر أولاً ثم الادب بدءا بالهجوم على اللامنطقي وبدءا الاحتجاج الموجوع على المعاناة. العلاقات مع الرجال، كما هي موصوفة، تضع حدودا لما يجب أو لا يجب ان تكون عليه المرأة. الدين، بلطف، وضع حدودا لما يجب ان يكون عليه الرجال.  لكن السلطة العامة والقوانين والانظمة الاجتماعية والتربوية، ذكورية! النساء رُبيّن وصُوِّرن وأُعطِين من الحرية قدر ما يريح الرجل. ومثلما في الرواية اليوم يشجع قراء النساء على الانسجام مع جندر الانثوية التقليدي المالوف والمطلوب ذكوريا، في الحساسية والسلبية واللامنطقية، في الشعر يراد لهن كتابة تقليدية في تراكيب لغوية مالوفة وفي مضامين "مُرضية" أيضاً. النتيجة انهن ناجحات وموضع حفاوة وثناء بالقدر الذي يصبحن فيه "وسائل" لتصوير الذكورية. وهذا ما نراه بوضوح في روايات الاثارة الغربية وفي الشعر الشعبي العراقي البائس في الاستجداء والتخاذل والشكوى الذليلة والانصياع. واذ تحضر المرأة في مناطق اثارتها واغوائها، يحضر الرجل بسلبيته وتوسلاته. لا قوة رفض ولا صيحة أو صفعة على عرف أو على نظام. وللاسف نجد مثل هذا في كثير من القصص والروايات العراقية وضمنه ما تكتبه كاتباتنا، وانا آت على ذلك في بحث اخر. وبالنسبة لما تكتبه شاعراتنا وهن بضع شاعرات فاما تقليدي، ذكوري التراكيب والمضمون، واما متجاوز لا ينتبه اليه احد وكثيرا ما يُتَّهمَ بانه يتم بعون رجال وهذا نتاج غَيْرهٍّ ذكورية من جودة لا يتصورونها تصدر من سواهم. حتى اغبياء الرجال، حتى البله المغفلون يظنون انفسهم اذكى واقدر من النساء. غباء مضاعف على أي حال!.قد نحتاج إلى التحليل النفسي للكشف عن الحاجات القابعة في الذكور وفي الاناث، وكذا لمعرفة اسس المُعْلَن منها. وما نراه من سعة الحكم البطرياركي والمساحات الشاسعة من المحكومين والمحكومات، يحيلنا إلى تنظيمات ومجتمعات القرون الوسطى. والطبقة المتقدمة عندنا لا تتجاوز، في احسن احوالها، القرن التاسع عشر. في الحالين، شعر النساء ما يزال موجوعا من البعد عن القرن العشرين. من هنا، ولهذا السبب يعلو ترحيبنا بالصيحات التي تتسم بالتجاوز بالاخلاص الكافي لانوثتهن. هذا هو مكمن وسبب الاعجاب، التطور النظري والنقد الانثوي المصاحب واللاحق له، اعطيا وثبة لتحليل النتاجات الثقافية النسوية وتطبيقاتها. ولعل من الاعمال المهمة في هذا الصدد كتاب رغبة الانثى "Female Desire" لـروزالند كوارد Rosalind Coward الذي حددت فيه بشكل حاسم ان:المواقع الانثوية هي حصيلةالمباهج التي يقدمنها. وانذواتنا تتشكل في ضوءالرغبات التي تطوقنافحصة المرأة من الواقع هي بقدر وجهها المكشوف ولا تنال الا اجر إمتاع. الباقي للالغاء، للدفن. وهذا ما قالته ماجدة بوجع وبغضب:ليس سوى وجهيمزّق الكفن!تحددت المشكلة اذن وامام ضخامتها وقدمها، لابد للانثى، لرغبة الانثى، ما يحرفها لصالح الذكر وان ترضى بوحشية خشنة جائرة في العصر المتحضر:جبار هوساعة يختلي بجسديدون رأس!وحال أخرى:اشرقتوبدا الليل زائغ العينين!كم اشعر بالاكبار الان لماجدة: احييك سيدتي من بُعْد!هو دون رأس، يختلى بجسدها هي اشرقت هو ليل زائغ العينين. تلك هي  الضربة الانثوية سددت بمهارة وبنفاذ يفضح ويؤدب! الادانة التي اعقبت الهيمنة "جبار" هي "دون رأس" و"زائغ العينين" سلاما لك د. ماجدة على هذا التسديد المحكم والذكي.لقد تغير الخطاب النسوي في الكتابة عن الخطاب العملي في الحياة اليومية لم تعد رغبات الانثى كلها تتمثل في الملابس، الماكياج، اثاث المطبخ والصالة واطباق الطعام والعطور. هذه استمرت لكن صحبها، اعلى منها، ار

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram