علاء حسن في العام الماضي كتبت عن "كهوة المفاطير" بوصفها ظاهرة مألوفة في شهر رمضان تقدم خدماتها للمفاطير وخاصة من مراجعي الدوائر الرسمية ، رمضان العام الحالي جاء في شهر تموز ، والصائمون يواجهون ارتفاع درجات الحرارة فوق معدلاتها الاعتيادية ، باستخدام وسائل تبريد بدائية ، المهافيف ، وحمل قناني الماء والمرشات اليدوية للاستعانة بها عند الوقوف الطويل لتجاوز السيطرات وعبور الجسور وحمل المظلات لاتقاء أشعة الشمس العمودية في عز الظهيرة.
وبارتفاع درجات الحرارة تأثرت أسعار المواد الغذائية فتصاعدت هي الأخرى ، ووجهت أصابع الاتهام للتجار لأنهم في كل وقت السبب الرئيس في معاناة الشعب العراقي أو هكذا تصورهم وسائل الإعلام والفضائيات التابعة لأحزاب الحكومة، والجهات الرسمية لم تعلن عن تقليص ساعات القطع المبرمج للتيار الكهربائي .سيتحمل العراقيون صعوبة شهر رمضان ، وهم يتطلعون لحسم و تجاوز الأزمات السياسية القائمة في البلاد ، وسيكونون في أحسن حال حينما يجتمع القادة السياسيون على مائدة إفطار واحدة ويلعنون الشيطان ويتفقون على حب الله لقيادة البلد نحو بر الأمان ، وهذا الإنجاز التاريخي الكبير سيكون مبعث تفاؤل لدى العراقيين بأن نخبهم وبعد وقت طويل اتفقت وتلاحمت و تضافرت جهودها لتحقيق المصالح الوطنية .أما جلسات مجلس النواب فإنها ستعقد في الأسبوع الثاني من شهر رمضان ، وسيواجه الأعضاء كغيرهم من العراقيين مصاعب مضاعفة ،لأنهم مطالبون بإنجاز تشريعات معطلة من الدورة التشريعية السابقة ، والصائمون من النواب ستقع عليهم مهمة استيعاب آراء زملائهم المفطرين، ولدى هؤلاء الاستعداد الكامل للنقاش والمناكدة ، أو الوقوف ضد إقرار قانون مهم طال انتظاره ، ولتفادي حصول مشكلة بين الأعضاء الصائمين والمفطرين يجب أن تلتفت رئاسة المجلس لجداول أعمالها اليومية ، وتختار مشاريع قوانين على شاكلة منع التدخين في الأماكن العامة ، ومكافحة الكلاب السائبة ، لكي لا تثير الخلاف السياسي، ويتم تأجيل إقرار القوانين بعد العودة لرؤساء الكتل النيابية لضمان التوافق ثم المصادقة فالتشريع. نظرا لوجود نواب غير صائمين فإن هؤلاء بحاجة لتلبية متطلباتهم ، ويكون ذلك بفتح كهوة مفاطير داخل مبنى البرلمان، توفر الشاي والقهوة والماء المثلج للزبائن،وفي شهر رمضان تنتشر كهاوي المفاطير في بعض الأسواق والأحياء الصناعية والتجارة ، وتكون عادة داخل مبنى مهمل أو في قيصرية منزوية ، لتقديم خدماتها للمفاطير الهاربين من ملاحقة الجهات التي تعاقب من يجاهر بالإفطار العلني ، ومن مميزات كهوة المفاطير أنها تقدم وجبات مجانية لعناصر الشرطة ورجال البلدية، وفي المساء بإمكانها أن توفر الممنوعات مثل المشروبات الكحولية أجلكم الله ولكن بأسعار مرتفعة نسبيا. كهوة المفاطير اكتسبت اسمها منذ عشرات السنين، وأصحابها يجيدون عن خبرة ومعرفة اختيار مواقعها وأماكنها ، وعلاقتهم بالأجهزة الرسمية التي تلاحق المخالفين في شهر رمضان ، ليست ودية ، ولكنها تعتمد على تقديم المقسوم مقابل السكوت عن المخالفة ، وبمنفعة الطرفين يتحقق التوافق والاتفاق وانتظار مدفع الإفطار.
نص ردن: كهوة المفاطير
نشر في: 28 يوليو, 2012: 07:07 م