حازم مبيضينيبدو واضحاً أن معركة السيطرة على مدينة حلب ستكون مصيرية, وطويلة وباهظة التكاليف, وحتما سيكون المدنيون من أهلها أكبر الخاسرين, والواضح أن طرفي الصراع النظام من جهة والمعارضة من جهة أخرى يعولان على الدعم الخارجي,
وليس سراً أن روسيا تواصل تسليح النظام فيما خبراؤها يزودونه بخطط لمكافحة المتمردين والغرب يدرب الجيش الحر، وتركيا تؤمن له قواعد خلفية تتلقى المساعدات الخليجية المختلفة ومن بينها الأسلحة, بينما حلب الشهباء تتهيأ لتكون بنغازي الثانية في معركة ستكون اختباراً عملياً للجميع دون استثناء.ولكن وبالرغم أن معركة حلب مصيرية، فإنها حتى في حال انتصار القوات الحكومية لن تحسم الوضع بشكل نهائي, أما في حال انتصار الثوار فان ذلك يعني أن الأسد يعد أيامه الأخيرة, وأن على المحيطين به والمقربين إدراك أن عليهم حسم أمورهم, والتفكير بمستقبلهم, حيث سيكون صعباً, إن لم نقل مستحيلاً, استمرار نظام البعث بعد تلك الهزيمة, التي ستحول الشهباء إلى أول منطقة آمنة تتصل بالحلفاء في تركيا، التي ستسهل لهم التزود بالمزيد من السلاح، ويعني هذا حتماً أن النظام السوري سيضرب عرض الحائط, بكل التحذيرات الدولية من نتائج اجتياح المدينة, التي يعني سقوطها بيد الثوار بداية النهاية للنظام.معركة حلب ستكون مختلفة عن تلك التي خاضها النظام ضد مناوئيه في دمشق العاصمة, فحلب ستظل عصب سوريا الاقتصادي, وهي قريبة من حدود دولة لا تخفي دعمها لمناوئي الأسد, وريفها مسيطر عليه تقريباً من قوى الثورة, كما أنها على تماس مع المناطق الكردية, التي سعى النظام لوضعها تحت سيطرة قوى تتحالف مع حزب العمال التركي, لخلق بؤرة توتر تلهي أنقره عن ما يجري في سوريا, كما أنها قريبة من الموصل العراقية, التي لا تخفي العداء لحكومة المالكي الداعمة للنظام السوري, وهي بكل هذه المواصفات مرشحة لان تكون العاصمة الفعلية والعملية للثورة, بعد أن فقدت حمص هذه الميزة عند سقوطها تحت سيطرة النظام. يبدو واضحاً من نقل المعركة الرئيسية إلى حلب في أقصى الشمال, أن الجيش الحر يتبع إستراتيجية إنهاك الجيش النظامي, من خلال إجباره على تحريك قوته الأساسية, بآلياتها الضخمة ومدرعاتها بين حمص ودمشق, وأخيرا حلب, ما يعني إنهاكه وإجباره على خوض معارك متباعدة جغرافياً, بينما يتنقل أفراد الجيش الحر بأسلحتهم الخفيفة, وهنا فقط يجب النظر إلى أن استراتيجية النظام, هي القضاء على بؤر التوتر واحدة بعد الأخرى, غير أن الواضح أنه ما أن يغادر منطقة, يعتقد أنه أخمد شرارتها, حتى تشتعل من جديد وبقوة تفوق ما كانت عليه.كان الجيش النظامي يتخلى عن الأطراف, لإحكام سيطرته على المراكز, التي باتت اليوم في مرمى نيران الثوار, الذين تخلوا نهائياً عن شعار " سلمية ", وانخرطوا في الحل العسكري, الذي ظن النظام أنه كفيل بالقضاء على الثورة, ويظنون أنه الكفيل باستدراج تدخل خارجي من نوع ما, لمنع المجازر التي يقولون إن الأسد سيرتكبها في المدن الثائرة, خاصة بعد لجوئه إلى استخدام كل صنوف الأسلحة, باستثناء الكيماوية, التي تلقى تحذيرات حتى من حلفائه الروس, بعدم اللجوء إليها. حلب كما هو واضح, هي " ورطة النظام السوري ", وسيكون لانتصاره فيها طعم شديد المرارة, كما أن هزيمته ستكون البداية الفعلية لعملية العد التنازلي لسقوطه, الذي سيعني انهيار حلف " الممانعة ", وإذا كانت حلب تأخرت هذه المرة في الانتفاض ضد النظام, فإن علينا تذكر أن أول الانقلابات العسكرية انطلقت منها, حين كانت تلك الانقلابات تسمي نفسها ثورات.
في الحدث: وابتدأت معركة حلب المصيرية
نشر في: 28 يوليو, 2012: 09:18 م